وحكم في الدّولة منهم الأمير قرطاي الشّهابي. فثار عليه خشداشه أينبك البدري، وأخرجه إلى الشّام، وقام بعده بتدبير الدّولة، وخرج إلى الشّام، فثارت عليه اليلبغاويّة - وفيهم برقوق، وقد صار من جملة الأمراء - فعاد قبل وصوله بلبيس، ثم قبض عليه. وقام بتدبير الدّولة غير واحد في أيّام يسيرة.
فركب برقوق في يوم الأحد ثالث عشرين ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وسبع مائة وقت الظّهيرة في طائفة من خشداشيّته، وهجم على باب السّلسلة، وقبض على الأمير يلبغا النّاصريّ - وهو القائم بتدبير الدّولة - وملك الإسطبل، وما زال به حتى خلع الصّالح حاجي (١).
وتسلطن في يوم الأربعاء تاسع عشر رمضان سنة أربع وثمانين وسبع مائة، وقت الظّهر، فغيّر العوائد وأفنى رجال الدّولة واستكثر من جلب الجراكسة إلى أن ثار عليه الأمير يلبغا النّاصري - وهو يومئذ نائب حلب - وسار إليه. ففرّ من قلعة الجبل في ليلة الثلاثاء خامس جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وملك النّاصري القلعة، وأعاد الصّالح حاجي ولقّبه ب «الملك المنصور»، وقبض على برقوق، وبعثه إلى الكرك فسجنه بها.
فثار الأمير منطاش بالنّاصري (a)، وقبض عليه وسجنه بالإسكندرية. وخرج يريد محاربة برقوق - وقد خرج من سجن الكرك، وسار إلى دمشق في عسكر - فحاربه برقوق على شقحب ظاهر دمشق، وملك ما معه من الخزائن، وأخذ الخليفة والسّلطان حاجي والقضاة وسار إلى مصر، فقدمها في يوم الثلاثاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وتسعين، واستبدّ بالسّلطنة حتى مات ليلة الجمعة للنّصف من شوّال سنة إحدى وثمان مائة. فكانت مدّته أتابكا وسلطانا إحدى وعشرين سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوما، خلع فيها ثمانية أشهر وتسعة أيّام.
(a) بولاق: علي الناصري. (١) عندما ذكر المقريزي المدرسة الظّاهرية الجديدة في مسوّدة الخطط - وهي غير موجودة في المبيّضة - كتب مدخلا ليترجم لبرقوق ولكنه لم يتمه. وراجع عن برقوق، ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك، الجزء التاسع؛ المقريزي: السلوك ٤٧٦: ٣ - ٦١٩، ٧٠٤ - ٩٤٧، درر العقود الفريدة ١: -؛ ابن حجر: ذيل الدرر الكامنة ٦٩، إنباء الغمر ٦٦: ٢ - ٦٩؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٢١: ١١ - ٣١٨، ١: ١٢ - ١٦٧، المنهل الصافي ٢٨٥: ٣ - ٣٤٢ (ترجمة حافلة)؛ الصيرفي: نزهة النفوس ٣٣: ١ - ٥٦، ٢١٠ - ٢١٤، ٢٨٦ - ٥٠٤؛ السخاوي: الضوء اللامع ١٠: ٣ - ١٢؛ Wiet، G.، El ٢ art.Barkuk، pp. ١٠٨٢ - ٨٣.