للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سراي كالرّعيّة، فإنّ داروه وهادوه كفّ عنهم، وإلاّ غزاهم وحصرهم، وكم مرّة قتلت عساكره منهم خلائق، وسبت نساءهم وأولادهم، وجلبتهم رقيقا إلى الأقطار. فأكثر المنصور قلاوون من شرائهم، وجعلهم وطائفة الآص (a) جميعا في أبراج القلعة، وسمّاهم «البرجيّة»، فبلغت عدّتهم ثلاثة آلاف وسبع مائة، وعمل منهم أوشاقيّة وجمقداريّة وجاشنكيريّة وسلاحداريّة.

وأوّلهم «السّلطان الملك الظّاهر أبو سعيد برقوق بن آنص»، أخذ من بلاد الجركس، وأبيع ببلاد القرم، فجلبه خواجا فخر الدّين عثمان بن مسافر (١) إلى القاهرة، فاشتراه منه الأمير الكبير يلبغا الخاصّكي وأعتقه، وجعله من جملة مماليكه الأجلاب، فعرف ببرقوق العثماني.

فلمّا قتل يلبغا أخرج الملك الأشرف الأجلاب من مصر، فسار منهم برقوق إلى الكرك فأقام في عدّة منهم مسجونا بها عدّة سنين، ثم أفرج عنه وعمّن كان معه فمضوا إلى دمشق وخدموا عند الأمير منجك نائب الشّام، حتى طلب الأشرف اليلبغاوية، فقدم برقوق في جملتهم، واستقرّ في خدمة ولدي السّلطان عليّ وحاجي مع من استقرّ من خشداشيته، فعرفوا باليلبغاويّة إلى أن خرج السّلطان إلى الحجّ. فثاروا بعد سفره، وسلطنوا ابنه عليّا.


(a) بولاق: اللاض. أمين عبد السيد: قيام دولة المماليك الثانية، القاهرة ١٩٦٧؛ دراسات سعيد عبد الفتاح عاشور وعبد المنعم ماجد المذكورة فيما تقدم ٧٦٦ هـ ١؛
(١) خواجا فخر الدّين عثمان بن محمد بن أيّوب بن مسافر الأسعردي جالب الأتابك برقوق من بلاده ثم جالب أبيه وإخوته إلى الدّيار المصرية بالقاهرة. كان برقوق إذا رآه قام له من بعد وأكرمه وقبل شفاعته وأعطاه ما طلب. توفي في ١٦ رجب سنة ٧٨٣ هـ/ ١٣٨٢ م وهو من أعيان المملكة. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٢٠: ١١؛ ابن حجر: إنباء الغمر ٢٤٧: ١؛ ابن قاضي شهبة: تاريخ ٧٣: ٣).