وقام من بعده ابنه «السّلطان الملك السّعيد ناصر الدّين أبو المعالي محمد بركه قان» وهو يومئذ بقلعة الجبل ينوب عن أبيه، وقد عهد إليه بالسّلطنة، وزوّجه بابنة الأمير سيف الدّين قلاوون الألفي. فجلس على التّخت في يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة ستّ وسبعين، إلى أن خلعه الأمراء في سابع ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين. وكانت مدّته سنتين وشهرين وثمانية أيّام لم يحسن فيها تدبير ملكه، وأوحش ما بينه وبين الأمراء (١).
فأقيم بعده أخوه «السّلطان الملك العادل بدر الدّين سلامش بن الظّاهر بيبرس» وعمره سبع سنين وأشهر، وقام بتدبيره الأمير قلاوون أتابك العساكر، ثم خلعه بعد مائة يوم، وبعث به إلى الكرك فسجن مع أخيه بركة بها (٢).
وقام من بعده «السّلطان الملك المنصور سيف الدّين أبو (a) قلاوون الألفي العلائي الصّالحي» أحد المماليك الأتراك البحريّة. كان قبجاقيّ الجنس من قبيلة يرج أغلي، فجلب صغيرا واشتراه الأمير علاء الدّين آق سنقر السّاقي العادلي بألف دينار، وصار بعد موته إلى الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب في سنة سبع وأربعين وستّ مائة، فجعله من جملة البحريّة. فتنقّلت به الأحوال حتى صار أتابك العساكر في الأيّام العادليّة سلامش، وذكر اسمه مع العادل على المنابر. ثم جلس على التّخت بقلعة الجبل في يوم الأحد العشرين من شهر رجب سنة ثمان وسبعين، وتلقّب ب «الملك المنصور»، وأبطل عدّة مكوس (٣). فثار عليه الأمير شمس الدّين سنقر الأشقر بدمشق،
(a) أبو، ساقطة من بولاق والبياض في آياصوفيا. (١) انظر أخبار السّلطان السعيد بركة خان عند، النويري: نهاية الأرب ٣٦٩: ٣٠ - ٤٠٠؛ ابن أيبك: كنز الدرر ٢١٩: ٨ - ٢٢٧؛ بيبرس الدوادار: زبدة الفكرة ٨٩ - ٩٢، ١٦٢ - ١٧٢؛ ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ٩٢: ٧ - ١٤٧؛ المقريزي: السلوك ٦٤١: ١ - ٦٥٦؛ العيني: عقد الجمان ١٨٥: ٢ - ٢٢٢؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٥٩: ٧ - ٢٨٥. (٢) انظر أخبار السّلطان العادل سلامش عند، النويري: نهاية الأرب ٣٩٨: ٣٠ - ٤٠٠؛ ابن أبيك: كنز الدرر ٢٢٧: ٨ - ٢٣١؛ بيبرس الدوادار: زبدة الفكرة ١٧٣ - ١٧٤؛ ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ١٤٨: ٧ - ١٥١؛ المقريزي: السلوك ٦٥٦: ١ - ٦٥٨؛ العيني: عقد الجمان ٢٢٣: ٢ - ٢٢٤؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٨٦: ٧ - ٢٩١، المنهل الصافي ١٣: ٦ - ١٤. (٣) السّلطان الملك المنصور سيف الدّين قلاوون الألفي (٦٧٨ - ٦٨٩ هـ/ ١٢٧٩ - ١٢٩٠ م)، المؤسّس الثّاني لدولة المماليك البحريّة وهو السّلطان الوحيد بين سلاطين المماليك الذي أسّس أسرة حاكمة، حيث تولّى ولداه الأشرف خليل والنّاصر محمد السّلطنة ثم اثني عشر من أولاد النّاصر محمد حتى تمكّن الأمير برقوق بن آنص من خلع آخرهم السّلطان الملك الصّالح حاجي سنة ٧٨٤ هـ/ ١٣٨٣ م، وأنشأ دولة -