فارس الدّين آقطاي، وركن الدّين بيبرس البندقداري، وبلبان الرّشيدي.
ثم في محرّم سنة تسع وأربعين، خرج المعزّ بالأشرف والعساكر، فنزل بالصّالحيّة وأقام بها نحو سنتين، والرّسل تتردّد بينه وبين النّاصر، وأحدث الوزير الأسعد هبة اللّه الفائزي مظالم لم تعهد بمصر قبله. فورد الخبر في سنة خمسين بحركة التّتر على بغداد، فقطع المعزّ من الخطبة اسم الأشرف وانفرد بالسّلطنة، وقبض على الأشرف وسجنه، وكان الأشرف موسى آخر ملوك بني أيّوب بمصر.
ثم إنّ المعزّ جمع الأموال، فأحدث الوزير مكوسا كثيرة سمّاها «الحقوق السّلطانية»(١). وعاد المعزّ إلى قلعة الجبل في سنة إحدى وخمسين، وأوقع بعرب الصّعيد وقبض على الشّريف حصن الدّين ثعلب بن ثعلب، وأذلّ سائر عرب الوجهين القبليّ والبحريّ، وأفناهم قتلا وأسرا وسبيا، وزاد في القطيعة/ على من بقي منهم حتى ذلّوا وقلّوا، ثم قتل الفارس آقطاي ففرّ منهم معظم البحريّة: بيبرس وقلاوون في عدد كثير منهم إلى الشّام وغيرها (٢).
ولم يزل إلى أن قتلته شجر الدّرّ في الحمّام ليلة الأربعاء رابع عشرين ربيع الأوّل سنة خمس وخمسين وستّ مائة، فكانت مدّته سبع سنين تنقص ثلاثة وثلاثين يوما. وكان ظلوما غشوما، سفّاكا للدّماء، أفنى عوالم كثيرة بغير ذنب.
وقام من بعده ابنه «السّلطان الملك المنصور نور الدّين عليّ بن المعزّ أيبك» في يوم الخميس خامس عشرين ربيع الأوّل وعمره خمس عشرة سنة؛ فدبّر أمره نائب أبيه الأمير سيف الدّين قطز، ثم خلعه في يوم السبت رابع عشرين ذي القعدة سنة سبع وخمسين وستّ مائة.
فكانت مدّته سنتين وثمانية أشهر وثلاثة أيّام (٣).
(١) راجع عن المكوس التي أحدثها الوزير الفائزي فيما تقدم ٢٨٣: ١ - ٢٨٤، وهذا المجلد ٤٠٩، ٥٩٨. (٢) فيما تقدم ٢٨١: ٢ - ٢٨٢، ويضاف إليه، بيبرس الدوادار: زبدة الفكرة ١٢ - ١٣؛ المقريزي: السلوك ٣٩١: ١ - ٣٩٣؛ العيني: عقد الجمان ٨٧: ١ - ٨٩. (٣) راجع أخبار السّلطان المنصور نور الدّين علي عند النويري: نهاية الأرب ٤٥٩: ٢٩ - ٤٦٨؛ ابن أيبك: كنز الدرر ٣٣: ٨ - ٣٨؛ بيبرس الدوادار: زبدة الفكرة ٢٤ - ٢٥؛ المقريزي: السلوك ٤٠٥: ١ - ٤١٧؛ العيني: عقد الجمان ١٤٣: ١ - ٢١٩؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٤١: ٧ - ٧١.