للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم سار من القاهرة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين إلى عسقلان - وهي بيد الفرنج - فقتل وأسر وسبى وغنم، ومضى يريدهم بالرّملة،/ فقاتل البرنس أرناط متملّك الكرك قتالا شديدا، ثم عاد إلى القاهرة.

ثم سار منها في شعبان يريد الفرنج، وقد نزلوا على حماة، حتى قدم دمشق وقد رحلوا عنها، فواصل الغارات على بلاد الفرنج، وعساكره تغزو بلاد المغرب، ثم فتح بيت الأحزان من عمل صفد وأخذه من الفرنج عنوة.

وسار في سنة ستّ وسبعين لحرب عزّ (a) الدّين قليج أرسلان صاحب قونيه من بلاد الرّوم وعاد، ثم توجّه إلى بلاد الأرمن، وعاد فخرّب حصن بهسنا (b). ومضى إلى القاهرة، فقدمها في ثالث عشر شعبان، ثم خرج إلى الإسكندرية وسمع بها «موطّأ» الإمام مالك على الفقيه أبي طاهر ابن عوف (١)، وأنشأ بها مارستانا ودارا للمغاربة ومدرسة، وجدّد حفر الخليج ونقل فوّهته، ثم مضى إلى دمياط، وعاد إلى القاهرة.

ثم سار في خامس المحرّم سنة ثمان وسبعين على أيلة، فأغار على بلاد الفرنج، ومضى إلى الكرك، فعاثت عساكره ببلاد طبريّة وعكّا، وأخذ الشّقيف من الفرنج، ونزل السّلطان بدمشق، وركب إلى طبريّة فواقع الفرنج. وعاد فتوجّه إلى حلب ونازلها، ثم مضى إلى البيرة على الفرات، وعدّى إلى الرّها فأخذها، وملك حرّان والرّقّة ونصيبين، وحاصر الموصل فلم ينل منها غرضا؛ فنازل سنجار حتى أخذها. ثم مضى على حرّان إلى آمد فأخذها، وسار على عين تاب إلى حلب فملكها في ثامن عشر صفر سنة تسع وسبعين، وعاد إلى دمشق، وعبر الأردن (c) وحرق بيسان على الفرنج. وخرّب لهم عدّة حصون وعاد إلى دمشق، ثم سار إلى الكرك فلم ينل منها غرضا وعاد.

ثم خرج في سنة ثمانين من دمشق فنازل الكرك، ثم رحل عنها إلى نابلس فحرقها، وأكثر من الغارات حتى دخل دمشق، ثم سار منها إلى حماة، ومضى حتى بلغ حرّان، ونزل على الموصل


(a) بولاق: فتح.
(b) بولاق: بهنسا.
(c) بولاق: الأران.
(١) الفقيه أبو الطّاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف المالكي، المتوفى سنة ٥٨١ هـ/ ١١٨٥ م. (الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٢٨: ٩؛ المقريزي: المقفى الكبير ١٨٣: ٢ - ١٨٤؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٠٠: ٦؛ ابن فرحون: الديباج المذهب ٢٩٢: ١ - ٢٩٥).