في البربا من الإبل وغيرها، فيتغوّر ما في ذلك الجيش، وينقطع عنهم ناسه وحيوانه. وإذا كان الجيش من نحو الشّام، فعل في تلك الصّور التي من تلك الجهة التي أقبل منها جيش الشّام ما فعل بما وصفنا، فيحدث في ذلك الجيش من الآفات في ناسه وحيوانه ما صنع في تلك الصّور التي من تلك الجهة؛ وكذلك من ورد من جيوش الغرب، ومن ورد في البحر من روميّة والشّام، وغير ذلك من الممالك؛ فهابتهم الملوك والأمم، ومنعوا ناحيتهم من عدوّهم، واتّصل ملكهم بتدبير هذه العجوز وإتقانها لزمّ أقطار المملكة وإحكامها السّياسة. وقد تكلّم من سلف وخلف في هذه الخواصّ، وأسرار الطّبيعة التي كانت ببلاد مصر. وهذا الخبر من فعل العجوز مستفيض [عند المصريين] (a) لا يشكّون فيه.
والبرابي بمصر، من صعيدها وغيره، باقية إلى هذا الوقت، وفيها أنواع الصّور ممّا إذا صوّرت في بعض الأشياء أحدثت أفعالا على حسب ما رسمت له وصنعت من أجله، على حسب قولهم في الطّبائع، واللّه أعلم بكيفية ذلك (١).
قال: «وأخبرني غير واحد من بلاد إخميم من صعيد مصر، عن أبي الفيض ذي النّون بن إبراهيم المصريّ الإخميمي الزّاهد وكان حكيما، وكانت له طريقة يأتيها ونحلة يقصدها، وكان ممّن يفسّر (b) أخبار هذه البرابي، [وزارها] (a) وامتحن كثيرا ممّا صوّر فيها/ ورسم عليها من الكتابة والصّور - قال: رأيت في بعض البرابي كتابا تدبّرته، فإذا هو: «احذر العبيد المعتقين، والأحداث [المغترين] (a) والجند المتعبّدين، والقبط (c) المستعربين». ورأيت في بعضها كتابا تدبّرته، فإذا فيه:«يقدّر المقدّر والقضاء يضحك»، وفي آخره كتابة تبيّنها (d) في ذلك القلم فوجدها (e):
[الوافر]
تدبّر بالنّجوم ولست تدري … وربّ النّجم يفعل ما يريد
قال: وكانت هذه الأمّة، التي اتّخذت هذه البرابي، لهجة بالنّظر في أحكام النّجوم، من المواظبين على معرفة أسرار الطّبيعة. وكان عندها ممّا دلّت عليه أحكام النّجوم أنّ طوفانا سيكون
(a) زيادة من مروج الذهب. (b) الأصل وبولاق: ممن يقر على، والتصويب من مروج الذهب. (c) بولاق: النبط. (d) بولاق: تثبتها. (e) الأصل وبولاق: العلم فوجدتها. (١) المسعودي: مروج الذهب ٨٧: ٢ - ٨٨.