للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا ملك كلكن مصر بعد أبيه خربتّا (a)، كان النّمرود في وقته، فاتّصل بنمرود خبر حكمته وسحره فاستزاره، ووجّه إليه أن يلقاه، وكان النّمرود يسكن سواد العراق، وغلب على كثير من الأمم. فأقبل كلكن على أربعة أفراس تحمله، لها أجنحة، قد أحاطت به كالنار، وحوله صور هائلة، فدخل بها، وهو متوشّح بثعبان، ومحزّم ببعضه، وذلك التّنّين فاغر فاه، ومعه قضيب آس أخضر، كلّما حرّك التّنّين رأسه ضربه بالقضيب. فلمّا رأى النّمرود ذلك هاله، واعترف له بجليل الحكم.

وتقول القبط: إنّ كلكن كان يرتفع فيجلس على الهرم الغربي في قبّة تلوح على رأسه، وكان أهل البلد إذا دهمهم أمر اجتمعوا حول الهرم./ ويقولون: إنّه ربّما قام على رأس الهرم أياما لا يأكل ولا يشرب. ثم إنّه استتر مدّة حتى توهّموا أنّه هلك، فطمع الملوك في مصر، وقصدها ملك من المغرب يقال له: «سادوم» في جيش عظيم، إلى أن بلغ وادي هبيب. فأقبل كلكن وجلّلهم من سحرة بشيء كالغمام شديد الحرارة، وهم تحته أيّاما لا يدرون أين يتوجّهون، ثم ارتفع وصار بمصر يعرّفهم ما عمل، وأمرهم فخرجوا، فإذا بالقوم ودوابّهم قد ماتوا، فهابه جميع الكهنة، وصوّروه في سائر الهياكل. وبنى هيكلا لزحل من صوّان أسود في ناحية الغرب، وجعل له عيدا (١).

وفي أيّام دارم بن الرّيّان، وهو الفرعون الرابع الذي يقال له عند القبط دريموس، ظهر معدن فضّة على ثلاثة أيام من النّيل، أثاروا (b) منه شيئا عظيما. وعمل صنما على اسم القمر، لأنّ طالعه كان برج السّرطان، ونصبه على القصر الرّخام الذي بناه أبوه في شرقي النّيل، ونصب حوله أصناما كلّها من الفضّة، وألبسها الحرير الأحمر، وعمل للصّنم عيدا، كلما دخل برج السّرطان (٢).

ولمّا ولي أكسامس الملك بعد أبيه معدان - أي (c) معاديوس - بن دارم - أي (c) دريموس - وهو الفرعون السّادس أقام أعلاما كثيرة حول منف، وجعل عليها أساطين يمشى من بعضها إلى بعض، وعمل برقودة وصا ومدائن الصّعيد وأسفل الأرض [مدنا كثيرة و] (d) أعلاما ومنائر للوقود


(a) عند المقريزي: حرما.
(b) النويري: فأبان.
(c) في جميع النسخ ابن.
(d) زيادة من النويري.
(١) النويري: نهاية الأرب ١٠٢: ١٥ - ١٠٣.
(٢) نفسه ١٢٧: ١٥.