للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستعمل على البحر عبد اللّه بن قيس الحاسي حليف (a) بني فزارة، فغزا خمسين غزوة من بين شاتية وصائفة في البرّ والبحر، ولم يغرق فيه أحد ولم ينكب.

وكان يدعو اللّه تعالى أن يرزقه العافية في جنده، ولا يبتليه بمصاب أحد منهم، حتى إذا أراد اللّه ﷿ أن يصيبه في جنده، وأنّه (b) خرج في قارب طليعة، فانتهى إلى المرفأ من أرض الرّوم، فثار به الرّوم وهجموا عليه، فقاتلهم فأصيب وحده، ثم قاتل الرّوم أصحابه فأصيبوا.

وغزا عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح في البحر لمّا أتاه قسطنطين بن هرقل سنة أربع وثلاثين في ألف مركب يريد الإسكندرية، فسار عبد اللّه في مائتي مركب أو تزيد شيئا وحاربه. فكانت وقعة «ذات الصّواري» التي نصر اللّه فيها جنده، وهزم قسطنطين وقتل جنده (١).

وأغزى معاوية أيضا عقبة بن عامر الجهني في البحر، وأمره أن يتوجّه إلى رودس، فسار إليها.

ونزل الرّوم على البرلّس في سنة ثلاث وخمسين، في إمارة مسلمة بن مخلد الأنصاري - على مصر، فخرج إليهم المسلمون في البرّ والبحر. فاستشهد وردان، مولى عمرو بن العاص، في جمع كثير من المسلمين. وبعث عبد الملك بن مروان، لمّا ولي الخلافة، إلى عامله على إفريقيّة حسّان بن النّعمان يأمره باتّخاذ صناعة بتونس لإنشاء الآلات البحرية. ومنها كانت غزوة صقلّيّة في أيّام زيادة اللّه الأوّل بن إبراهيم بن الأغلب على يد (c) شيخ الفتيا أسد بن الفرات.

ونزل الرّوم تنّيس في سنة إحدى ومائة، في إمارة بشر بن صفوان الكلبي على مصر من قبل يزيد بن عبد الملك، فاستشهد جماعة من المسلمين.

وقد ذكر في أخبار الإسكندريّة ودمياط وتنّيس والفرما، من هذا الكتاب، جملة من نزلات الرّوم والفرنج عليها، وما كان في زمن الإنشاء، فانظره تجده إن شاء اللّه (٢).

وقد ذكر شيخنا الأستاذ قاضي القضاة وليّ الدّين أبو زيد عبد الرّحمن بن محمد بن خلدون، الحضرمي الإشبيلي، تعليل امتناع المسلمين من ركوب البحر للغزو في أوّل الأمر فقال:


(a) بولاق: خليفة.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) ساقطة من بولاق.
(١) عن واقعة ذات الصّواري، انظر فيما تقدم ٤٥٦: ١ - ٤٥٨.
(٢) فيما تقدم ٤٥٦: ١ - ٤٥٨، ٤٨٩ - ٤٩٠، ٥٧٦ - ٥٧٧، ٥٨٢ - ٥٨٣، ٥٨٥ - ٦٠٣.