للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن سعيد في كتاب «المغرب»: وخرجت مرّة حيث بركة الحبش التي يقول فيها أبو الصّلت أميّة بن عبد العزيز الأندلسي - عفا اللّه عنه:

[المنسرح]

للّه يومي ببركة الحبش … والأفق بين الضّياء والغبش

والنّيل تحت الرّياح مضطرب … كصارم في يمين مرتعش (١)

وعاينت من هذه البركة أيام فيض النّيل عليها أبهج منظر، ثم زرتها أيّام غاض الماء وبقيت فيها مقطّعات بين خضر من القرط والكتّان تفتن النّاظر، وفيها أقول:

[الكامل]

يا بركة الحبش التي يومي بها … طول الزّمان مبارك وسعيد

حتى كأنّك في البسيطة جنّة … وكأنّ دهري كلّه بك عيد

يا حسن ما يبدو بك الكتّان في … نوّاره أو زرّه معقود

والماء منك سيوفه مسلولة … والقرط فيك رواقه ممدود

وكأنّ أبراجا عليك عرائس … جليت وطيرك حولها غرّيد

يا ليت شعري هل زمانك عائد … فالشّوق فيه مبدئ ومعيد (٢)

وكان ماء النّيل يدخل إلى بركة الحبش من خليج بني وائل، وكان خليج بني وائل ممّا يلي باب مصر من الجهة القبلية، الذي يعرف إلى يومنا هذا بباب القنطرة من أجل أنّ هذه القنطرة كانت هناك.

قال ابن المتوّج: ورأيت ماء النّيل في زمن النّيل يدخل من تحته إلى خليج بني وائل.

قلت: وفي أيّام النّاصر محمد بن قلاوون استولى النّشو ناظر الخاصّ على بركة الحبش، وصار يدفع إلى الأشراف من بيت المال مالا في كلّ سنة، فلمّا مات النّاصر وقام من بعده ابنه المنصور أبو بكر، أعيدت لهم.

ذكر الماذرائي (a) - هو أبو بكر محمّد بن عليّ بن محمد بن رستم بن أحمد، وقيل محمد بن عليّ بن أحمد بن عيسى بن رستم، وقيل محمّد بن عليّ بن أحمد بن إبراهيم بن الحسين بن


(a) بولاق: المارداني.
(١) أمية بن عبد العزيز: الرسالة المصرية ٢١.
(٢) ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب (قسم مصر) ١٠؛ ابن دقماق: الانتصار ٥٧: ٤.