للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه (١): عديم الملك ابن قفطريم كان جبّارا لا يطاق، عظيم الخلق، فأمر بقطع الصّخور ليعمل هرما كما عمل الأوّلون، وكان في وقته الملكان اللذان أهبطا من السّماء، وكانا في بئر يقال له: أفتاوه، وكانا يعلّمان أهل مصر السّحر. ويقال: إنّ الملك عديم بن البودسير استكثر من علمهما، ثم انتقلا إلى بابل.

وأهل مصر من القبط يقولون: إنّهما شيطانان يقال لهما «مهلة» و «مهالة»، وليس هما الملكين، والملكان ببابل في بئر هناك يغشاها السّحرة إلى أن تقوم السّاعة، ومن ذلك الوقت عبدت الأصنام (٢).

وقال قوم: كان الشّيطان يظهر وينصبها لهم.

وقال قوم: أوّل من نصبها تدورة، وأوّل صنم أقامه صنم الشّمس.

وقال آخرون: بل النّمرود الأوّل أمر الملوك بنصبها وعبادتها.

وعديم أوّل من صلب، وذلك أنّ امرأة زنت برجل من أهل الصّناعات، وكان لها زوج من أصحاب الملك، فأمر بصلبهما على منارين، وجعل ظهر كلّ واحد منهما إلى ظهر الآخر، وزبر على المنارين اسمهما، وما فعلاه، وتاريخ الوقت الذي عمل ذلك بهما فيه، فانتهى الناس عن الزّنا (٣).

وبنى (a) أربع مدائن، وأودعها صنوفا كثيرة من عجائب الأعمال والطّلّسمات، وكنز فيها كنوزا كثيرة، وعمل في الشرق (b) منارا، وأقام على رأسه صنما موجّها إلى الشّرق، مادّا يديه، يمنع دوابّ البحر والرّمال أن تتجاوز حدّه، وزبر في صدره تاريخ الوقت الذي نصبه فيه؛ ويقال:

إنّ هذا المنار قائم إلى وقتنا هذا، ولولا هذا لغلب الماء الملح من البحر الشّرقي على أرض مصر.


(a) الأصل: وهي.
(b) عند المسعودي: على البحر الشرقي.
(١) إبراهيم بن وصيف شاه مؤلف لا نعرف على وجه الدقة الفترة التي عاش فيها، ويعرف أحيانا عند المؤلفين الأندلسيين بالوصيفي، اشتهر بكتابه في العجائب الذي تناول فيه تاريخ مصر القديم، ويتفق ما ينسب إلى ابن وصيف شاه مع كتاب «أخبار الزمان» المنسوب إلى المسعودي. واعتمد على كتاب ابن وصيف شاه، «الذي تحتفظ مكتبة سان بطرسبرج تحت رقم ٩٥٩٤ بأقدم نسخة منه بعنوان «كتاب العجائب الكبير» وهي نسخة كتبت في القاهرة سنة ٦٠٧ هـ، كلّ من النويري في «نهاية الأرب» والمقريزي في «الخطط» (انظر المقدمة).
(٢) المسعودي: أخبار الزمان ١٦١؛ النويري: نهاية الأرب ٥١: ١٥ - ٥٢ نقلا عن ابن وصيف شاه.
(٣) انظر أيضا فيما يلي ٣٧٣.