للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمل على النّيل قنطرة في أوّل بلد النّوبة، ونصب عليها أربعة أصنام موجّهة إلى أربع جهات الدّنيا، في يدي كلّ واحد من الأصنام حربتان يضرب بهما إذا أتاهم آت من تلك الجهة، فلم تزل بحالها إلى أن هدمها فرعون موسى .

وعمل البربا على باب النّوبة، وهو هناك إلى وقتنا هذا.

وعمل في إحدى المداين الأربع التي ذكرناها حوضا من صوّان أسود مملوءا ماء، لا ينقص طول الدّهر ولا يتغيّر ماؤه، لأنّه اجتلبه إليه من رطوبة الهواء. وكان أهل تلك الناحية وأهل تلك المدينة يشربون منه ولا ينقص ماؤه وعمل ذلك [لهم] (a) لبعدهم عن النّيل.

وذكر بعض كهنة القبط أنّ ذلك إنّما تمّ (b) لقربه من البحر الملح، فإنّ الشّمس ترفع بحرّها بخار البحر فينحصر/ من ذلك البخار جزء بالهندسة أو بالسّحر (١)، وتجعله ينحطّ في ذلك الموضع بالجوهر مثل الظّلّ، وتمدّه بالهواء فلا ينقص بذلك ماؤه على الدّهر، ولو شرب منه العالم.

وعمل قدحا لطيفا على مثل هذا العمل، وأهداه حومل (c) الملك إلى الإسكندر اليوناني.

وملكهم عديم مائة وأربعين سنة، ومات وهو ابن سبع مائة وثلاثين سنة، ودفن في إحدى المدائن ذات العجائب (٢)، وقيل: في صحراء قفط (٣).

وذكر بعض القبط أنّ ناووس عديم عمل في صحراء قفط على وجه الأرض، تحت قبّة عظيمة من زجاج أخضر برّاق، معقود على رأسها كرة من ذهب، عليها طائر من ذهب موشّح بجوهر منشور الجناحين يمنع من الدّخول إلى القبّة، وكان قطرها مائة ذراع في مثلها، وجعل جسده في وسطها على سرير من ذهب مشبّك، وهو مكشوف الوجه، وعليه ثياب منسوجة بالذهب المغروز بالجوهر المنظوم، وطول القبّة أربعون ذراعا.

وجعل [معه] (a) في القبّة مائة وسبعون مصحفا من مصاحف الحكمة، وسبع موائد بأوانيها، منها مائدة من درّ رمّاني أحمر، وأوانيها منها، ومائدة من ذهب فلموني أوانيها منها، ومائدة من


(a) زيادة من المسعودي.
(b) بولاق: الماء ثم، والتصويب كذلك من المسعودي.
(c) في الأصل وعند المسعودي: حويل.
(١) النويري: نهاية الأرب ٥٧: ١٥ - ٥٨ (نقلا عن ابن وصيف شاه).
(٢) نفسه ٥٨: ١٥.
(٣) كل النص المنسوب هنا إلى ابن وصيف شاه ورد في كتاب «أخبار الزمان» المنسوب للمسعودي ١٦١ - ١٦٣، وكذلك النص التالي.