للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقبط تزعم أنّه أوّل الفراعنة بمصر، وهو فرعون إبراهيم وأنّ الفراعنة سبعة هو أوّلهم، وأنّه استخفّ بأمر الهياكل والكهنة.

وكان من خبر إبراهيم معه: أنّ إبراهيم لمّا فارق قومه، أشفق من المقام بالشّام، لئلاّ يتبعه قومه ويردّوه إلى النّمرود، لأنّه كان من أهل كوثي من سواد العراق، فخرج إلى مصر ومعه سارة امرأته، وترك لوطا بالشّام وسار إلى مصر. وكانت سارة أحسن نساء وقتها، ويقال إنّ يوسف ورث جزءا من جمالها (a). فلمّا سار إلى مصر رأى الحرس المقيمون على أبواب المدينة سارة، فعجبوا من حسنها ورفعوا خبرها إلى طوطيس (b) الملك، وقالوا: دخل إلى البلد رجل من أهل الشّرق معه امرأة لم ير أحسن منها ولا أجمل. فوجّه الملك إلى وزيره، فأحضر إبراهيم - صلوات اللّه عليه - وسأله عن بلده فأخبره، وقال: ما هذه المرأة منك؟ فقال: أختي.

فعرّف الملك بذلك، فقال: مره أن يجيئني بالمرأة حتى أراها. فعرّفه ذلك، فامتعض منه ولم تمكنه مخالفته، وعلم أنّ اللّه تعالى لا يسوءه في أهله، فقال لسارة: قومي إلى الملك فإنّه قد طلبك منّي؛ قالت: وما يصنع بي الملك وما رآني قبل؟ قال: أرجو أن يكون لخير. فقامت معه حتى أتوا قصر الملك، فأدخلت عليه، فنظر منها منظرا راعه وفتنته، فأمر بإخراج إبراهيم فأخرج وندم على قوله إنّها أخته، وإنّما أراد أنّها أخته في الدّين. ووقع في قلب إبراهيم ما يقع في قلب الرّجل على أهله، وتمنّى أنّه لم يدخل مصر، فقال: اللّهم لا تفضح نبيّك في أهله.

فراودها الملك عن نفسها، فامتنعت عليه، فذهب ليمدّ يده إليها فقالت: إنّك إن وضعت يدك عليّ أهلكت نفسك لأنّ لي ربّا يمنعني منك. فلم يلتفت إلى قولها، ومدّ يده إليها فجفّت يده، وبقى حائرا فقال لها: أزيلي عنّي ما قد أصابني. فقالت: على ألا تعاود مثل ما أتيت؛ قال: نعم. فدعت اللّه ، فزال عنه ورجعت يده إلى حالها.

فلمّا وثق بالصّحّة راودها ومنّاها ووعدها بالإحسان، فامتنعت وقالت: قد عرفت ما جرى.


(a) النص عند النويري: ورث جزءا من حسنها لأنها جدّة أبيه.
(b) بولاق: طيطوس.