ولنرجع إلى الكلام في المقس فنقول: من النّاس من يسمّيه المقسم - بالميم بعد السين - قال ابن عبد الظّاهر في كتاب «خطط القاهرة»: وسمعت من يقول إنّه المقسم، قيل لأنّ قسمة الغنائم عند الفتوح كانت به (١)، ولم أره مسطورا.
وقال العماد محمد أبي الفرج محمّد بن حامد الكاتب الأصفهاني في كتاب «سنا البرق الشّامي»(٢): وجلس الملك الكامل محمد بن السّلطان الملك العادل أبي بكر بن أيّوب، في البرج الذي بجوار جامع المقسم [كذا]، في السابع والعشرين من شوّال سنة ستّ وتسعين وخمس مائة.
وهذا المقسم على شاطئ النّيل يزار، وهناك مسجد يتبرّك به الأبرار، وهو المكان الذي قسّمت فيه الغنائم عند استيلاء الصّحابة ﵃ على مصر. فلمّا أمر السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب بإدارة السّور على مصر والقاهرة، تولّى ذلك الأمير بهاء الدّين قراقوش، وجعل نهايته التي تلي القاهرة عند المقسم، وبنى فيه برجا مشرفا على النّيل، وبنى مسجدا جامعا، واتّصلت العمارة منه إلى البلد، وجامعه تقام فيه الجمعة والجماعات.
وهذا البرج عرف بقلعة قراقوش، وما برح هناك إلى أن هدمه الصّاحب الوزير شمس الدّين عبد اللّه المقسي، وزير الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون، في سنة بضع
(١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٢٦. (٢) كتاب «البرق الشّامي» للقاضي عماد الدّين أبي عبد اللّه محمد بن صفي الدّين أبي الفرج محمد بن نفيس الدّين أبي الرّجاء حامد بن محمد بن عبد اللّه الأصفهاني، المتوفى سنة ٥٩٧ هـ/ ١٢٠١ م. كتاب في سبعة أجزاء تناول فيه تاريخ صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، بدأه منذ وصل هو إلى الشّام سنة ٥٦٢ هـ/ ١١٦٧ م، ودخوله في خدمة الملك الشهيد نور الدّين محمود وأنهاه بحوادث سنة ٥٨٩ هـ/ ١١٩٣ م، وأتمّ تأليفه سنة ٥٩٤ هـ/ ١١٩٨ م. وقد فقد هذا الكتاب ولم يحفظ منه سوى الجزأين الثالث والخامس، يعالج فيهما حوادث السّنين من بداية سنة ٥٧٣ هـ/ ١١٧٧ م وإلى أواخر سنة ٥٧٥ هـ/ ١١٨٥ م، ثم حوادث سنتي ٥٧٨ - ٥٧٩ هـ/ ١١٨٢ - ١١٨٣ م. وهما محفوظان في مكتبة البودليانا بأكسفورد (Bruce ١١، Marsh ٤٢٥)، ونشر الجزء الثالث مصطفى الحياري، والجزء الخامس فالح صالح حسين، وصدرا في عمّان بالأردن عن مؤسسة عبد الحميد شومان سنة ١٩٨٦. واختصر هذا الكتاب مع ذيوله الفتح بن علي البنداري، المتوفى بعد سنة ٦٢٢ هـ/ ١٢٢٧ م بعنوان: «سنا البرق الشّامي» الذي وصل إلينا منه فقط الجزء الأوّل يشتمل على حوادث السنوات من ٥٦٢ - ٥٨٣ هـ/ ١١٦٦ - ١١٨٧ م، محفوظ في مكتبة أسعد أفندي الملحقة بالمكتبة السليمانية بإستانبول برقم ٢٢٤٩، ونشر مرّتين الأولى بتحقيق رمضان ششن وصدر عن دار الكتاب الجديد في بيروت سنة ١٩٧٧، والثانية بتحقيق فتحية النّبراوي وصدر عن مكتبة الخانجي في القاهرة سنة ١٩٧٩. والنّصّ الذي أورده المقريزي هنا يوجد في القسم المفقود من الكتاب.