للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا مات الخليل إبراهيم - صلوات اللّه عليه وسلامه - اقتدى به بنوه في ذلك من بعده، وصاروا يدفعون العشر من أموالهم؛ إلى أن بعث اللّه تعالى موسى فأوجب على بني إسرائيل إخراج العشر في كلّ ما ملكت أيمانهم من جميع أموالهم بأنواعها، وجعل ذلك حقّا لسبط لاوى الذين هم قرابة موسى (١).

وقال ابن يونس في «تاريخ مصر»: كان ربيعة بن شرحبيل بن حسنة أحد من شهد فتح مصر من أصحاب رسول اللّه ، واليا لعمرو بن العاص على المكس. وكان زريق بن حيّان على مكس أيلة في خلافه عمر بن عبد العزيز (٢).

قال كاتبه (a): ومع ذلك فقد كان أهل الورع من السّلف يكرهون هذا العمل. روى ابن قتيبة في كتاب «الغريب» أنّ النّبيّ قال: «لعن اللّه سهيلا، كان عشّارا باليمن، فمسخه اللّه شهابا». وروى ابن لهيعة، عن عبد الرّحمن بن ميمون، عن أبي إبراهيم المعافري، عن خالد بن ثابت، أنّ كعبا أوصاه، وتقدّم إليه حين مخرجه مع عمرو بن العاص ألاّ يقرب المكس.

فهذا - أعزّك اللّه - معنى المكس عند أهل الإسلام. لا ما أحدثه الظّالم هبة اللّه بن صاعد الفائزي، وزير الملك المعزّ أيبك التركماني - أوّل من أقام من ملوك التّرك بقلعة الجبل - من المظالم التي سمّاها «الحقوق السّلطانيّة والمعاملات الدّيوانية»، وتعرف اليوم ب «المكوس» (٣).

فذلك الرّجس النّجس الذي هو أقبح المعاصي والذّنوب الموبقات، لكثرة مطالبات النّاس له وظلاماتهم عنده، وتكرّر ذلك منه، وانتهاكه للنّاس، وأخذ أموالهم بغير حقّها، وصرفها في غير وجهها. وذلك الذي لا يقرّ به متّق، وعلى آخذه لعنة اللّه والملائكة والنّاس أجمعين.


(a) بولاق: مؤلفه.
(١) قارن مع المسعودي: مروج الذهب ١٦٥: ٢.
(٢) ابن يونس: تاريخ ابن يونس المصري (تاريخ المصريين) ١٧٢.
(٣) انظر فيما تقدم ٢٨٣: ١؛ ٩٠: ٢؛ وفيما يلي ٥٩٨، ٧٦٨.