للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأين هذا من قول أصحاب النّمرود في إبراهيم - صلوات اللّه عليه - حيث أشاروا بقتله، قال تعالى حكاية عنهم: ﴿قالُوا حَرِّقُوهُ وَاُنْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ﴾ [الآية ٦٨ سورة الأنبياء].

ومن أهل مصر امرأة فرعون التي مدحها اللّه تعالى في كتابه العزيز بقوله: ﴿وَضَرَبَ اَللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ اِبْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي اَلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ﴾ [الآية ١١ سورة التحريم].

ومن أهلها ماشطة بنت فرعون، وآمنت بموسى فمشّطها فرعون بأمشاط الحديد كما يمشّط الكتّان، وهي ثابتة على إيمانها بالله (١).

وقال صاعد اللّغوي (٢) في كتاب «طبقات الأمم»: إنّ جميع العلوم التي ظهرت قبل الطّوفان إنّما صدرت عن هرمس الأوّل الساكن بصعيد مصر الأعلى، وهو أوّل من تكلّم في الجواهر العلوية، والحركات النّجوميّة، وهو أوّل من ابتنى الهياكل ومجّد اللّه فيها، وأوّل من نظر في علم الطّبّ، وألّف لأهل زمانه قصائد موزونة في الأشياء الأرضيّة والسّماوية. وقالوا: إنّه أوّل من أنذر بالطّوفان، ورأى أنّ آفة سماوية تصيب الأرض من الماء أو النّار، فخاف ذهاب العلم ودروس (a) الصّنائع، فبنى الأهرام والبرابي التي في صعيد مصر الأعلى، وصوّر فيها جميع الصّنائع والآلات، ورسم فيها صفات العلوم، حرصا على تخليدها لمن بعده، وخيفة أن يذهب رسمها من العالم (٣)؛ وهرمس هذا هو إدريس .

وقال أبو محمد الحسن بن إسماعيل/ بن الضّرّاب (b) (٤) في «أخبار مصر»: إنّ الخضر جاز البحر مع موسى وكان مقدّما عنده، وكان بمصر من الحكماء جماعة ممن عمرت الدنيا


(a) بولاق: اندراس.
(b) بولاق: ابن الفرات.
(١) النويري: نهاية الأرب ٣٥٠: ١.
(٢) أبو القاسم صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن صاعد التغلبي قاضي طليطلة وبها توفي سنة ٤٦٢ هـ/ ١٠٧٢ م، اشتهر بكتابه «طبقات الأمم» أو «التعريف بطبقات الأمم» وهو من الكتب العربية القليلة التي تعرضت لوصف العلوم عند الأمم السابقة (ابن بشكوال: كتاب الصلة في تاريخ أئمة الأندلس، عني بنشره عزت العطار الحسيني، القاهرة ١٩٥٥، ٢٣٢؛ Martinez-Gros، G.، El ٢? art.
(Sa? c? id al-Andalusi VIII، p. ٨٨٩
(٣) صاعد الأندلسي: التعريف بطبقات الأمم ١٩٦ - ١٩٧؛ وانظر عن هرمس فيما يلي ١١٨: ١.
(٤) الضّرّاب أو ابن الضّرّاب، أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد المصري، مؤرخ ومحدث ولد في مصر سنة ٣١٣ هـ/ ٩٢٥ م وتوفي بها سنة ٣٩٢ هـ/ ١٠٠٢ م، ويعدّ الدارقطني من رواته مع أنه كان أسنّ منه، واعتمد على كتابه في التاريخ - الذي ينقل عنه المقريزي - الشريف الإدريسي -