للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبها ثمانون كورة، ما فيها كورة إلاّ وبها طرائف وعجائب من أنواع البر والأبنية والطّعام والشّراب والفاكهة، وسائر ما تنتفع به النّاس وتدّخره الملوك، يعرف بكل كورة وجهاتها، وينسب كلّ لون إلى كورة:

فصعيدها أرض حجازية، حرّه حرّ العراق، وينبت النّخل والأراك والقرظ والدّوم والعشر.

وأسفل أرضها شامي يمطر مطر الشّأم، وينبت ثمار الشّأم من الكروم والزّيتون واللّوز والتّين والجوز وسائر الفواكه والبقول والرّياحين، ويقع به الثّلج والبرد.

وكورة الإسكندرية ولوبية ومراقية براري وجبال وغياض تنبت الزّيتون والأعناب، وهي بلاد إبل وماشية وعسل ولبن.

وفي كلّ كورة من كور مصر مدينة، في كلّ مدينة منها آثار، كريمة من الأبنية والصّخور والرّخام والعجائب.

وفي نيلها السّفن التي تحمل السّفينة الواحدة منها ما يحمله خمس مائة بعير.

وكلّ قرية من قرى مصر تصلح أن تكون مدينة، يؤيّد ذلك قول اللّه :

﴿وَاِبْعَثْ فِي اَلْمَدائِنِ حاشِرِينَ﴾ [الآية ٣٦ سورة الشعراء] (١).

ويعمل بمصر معامل كالتّنانير، يعمل بها البيض بصنعة، يوقد عليه فيحاكي نار الطّبيعة في حضانة الدّجاجة لبيضها، ويخرج من تلك المعامل الفراريج، وهي معظم دجاج مصر، ولا يتمّ عمل هذا بغير مصر (٢).

وقال عمرو (a) بن ميمون: خرج موسى ببني إسرائيل، فلمّا أصبح فرعون أمر بشاة فأتي بها، فأمر بها أن تذبح ثم قال: لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي خمس مائة ألف من القبط؛ فاجتمعوا إليه فقال لهم فرعون: إنّ هؤلاء لشرذمة قليلون. وكان أصحاب موسى ستّ مائة ألف وسبعين ألفا.


(a) بولاق: عمر.
(١) المسعودي: أخبار الزمان ١٠٢.
(٢) انظر عن معامل الفراريج بمصر، عبد اللطيف البغدادي: الإفادة والاعتبار ٣٥؛ ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار (ممالك مصر والشام) ١٨؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٣٣٣: ٢.