لها ناسك، وخلف ناسك أمّة يقال لها منسك، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلاّ اللّه ﷿؛ والذّنب من ذات الحمام إلى مغرب الشّمس، وشرّ ما في الطّير الذّنب (١).
وعن بجير (b) بن داخر العافري أنّه سمع عمرو بن العاص يقول في خطبته: واعلموا أنّكم في رباط إلى يوم القيامة، لمكث الأعداء حولكم، ولإشراف قلوبهم إليكم وإلى داركم معدن الزّرع والمال والخير الواسع والبركة النامية.
وعن عبد الرّحمن بن غنم الأشعري أنّه قدم من الشّأم إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فقال: ما أقدمك إلى بلادنا؟ قال: كنت تحدّثني أنّ مصر أسرع الأرض خرابا، ثم أراك قد اتّخذت منها وبنيت فيها القصور واطمأننت فيها؛ قال: إنّ مصر قد أوفت خرابها، حطّمها البخت نصّر فلم يدع فيها إلاّ السّباع والضّباع، فهي اليوم أطيب الأرضين ترابا، وأبعدها خرابا، ولا يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرض بركة (٣).
ويقال: مصر متوسّطة الدّنيا، قد سلمت من حرّ الإقليم الأوّل والثاني، ومن برد الإقليم السّادس والسّابع، ووقعت في الإقليم الثّالث فطاب هواؤها، وضعف حرّها، وخفّ بردها.
وسلم أهلها من مشاتي الأهواز، ومصايف عمان، وصواعق تهامة، ودماميل الجزيرة، وجرب اليمن، وطواعين الشّأم، وبرسام العراق، وعقارب عسكر مكرم، وطحال البحرين، وحمّى خيبر وأمنوا من غارات التّرك، وجيوش الرّوم، وهجوم العرب، ومكايد الدّيلم، وسرايا القرامطة، ونزف الأنهار، وقحط الأمطار.
(a) بولاق: الطرمذة كلام. (b) بولاق: يحيى. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١، وهذا النص موجود رواية عن ابن عبد الحكم عند المسعودي: أخبار الزمان ١٨؛ وانظر أيضا؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٣١: ١ - ٣٢؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٨: ١/ ١. (٢) ابن إياس: بدائع الزهور ٨: ١/ ١؛ وهذا النص نقلا عن كتاب «البلدان» للجاحظ وهو من مؤلفاته المفقودة، وانظر فيما يلي ٨١ - ٨٢. (٣) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٣٢.