للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تدبير الدّولة، ووهبه خمس مائة غلام من الناشئة وألف غلام من المغاربة ملّكه العزيز رقابهم.

فكان يعقوب أوّل وزراء الخلفاء الفاطميين بديار مصر، فدبّر أمور مصر والشّامات والحرمين وبلاد المغرب، وأعمال هذه الأقاليم كلّها من الرّجال والأموال والقضاء والتّدبير، وعمل له إقطاعا في كلّ سنة بمصر والشّام مبلغها ثلاث مائة ألف دينار، واتّسعت دائرته، وعظمت مكانته حتى كتب اسمه على الطّرز وفي الكتب.

وكان يجلس كلّ يوم في داره يأمر وينهى، فلا يرفع إليه رقعة إلا وقّع فيها، ولا يسأل في حاجة إلاّ قضاها. ورتّب في داره الحجّاب نوبا على مراتب (a)، وألبسهم الدّيباج وقلّدهم السّيوف، وجعل لهم المناطق، ورتّب في داره فرسين للنّوبة لا تبرح واقفة بسروجها ولجمها لمهمّ يرد (b).

ونصب في داره الدّواوين: فجعل ديوانا للعزيزية فيه عدّة كتّاب، وديوانا للجيش فيه عدّة كتّاب، وديوانا للأموال فيه عدّة كتّاب، (c)) وديوانا للسّجلاّت والإنشاء وديوانا للعجم وديوانا للعلوفات فيه عدّة كتّاب (c) وعدّة جهابذة، وديوانا للخراج، وديوانا للمستغلاّت، وأقام على هذه الدّواوين زماما. وجعل في داره خزانة للكسوة، وخزانة للمال، وخزانة للدفاتر، وخزانة للأشربة، وعمل على كلّ خزانة ناظرا.

وكان يجلس عنده في كلّ يوم الأطبّاء لينظروا في حال الغلمان، ومن يحتاج منهم إلى علاج أو إعطاء دواء، ورتّب في داره الكتّاب والأطبّاء يقفون بين يديه، وجعل فيها العلماء والأدباء والشّعراء والفقهاء والمتكلّمين وأرباب الصّنائع، لكلّ طائفة مكان مفرد، وأجرى على كلّ منهم الأرزاق.

وألّف كتبا في الفقه والقراءات، ونصب له مجلسا في داره يحضره في كلّ يوم ثلاثاء، ويحضر إليه الفقهاء والمتكلّمون وأهل الجدل يتناظرون بين يديه. فمن تآليفه كتاب في القرآن (d)، وكتاب في الأديان - وهو كتاب الفقه واختصره - وكتاب في آداب رسول اللّه ، وكتاب في علم الأبدان وصلاحها في ألف ورقة، وكتاب في الفقه ممّا سمعه من الإمام المعزّ لدين اللّه والإمام العزيز باللّه.

وكان يجلس في يوم الجمعة أيضا، ويقرأ مصنّفاته على النّاس بنفسه، وفي حضرته القضاة والفقهاء والقرّاء وأصحاب الحديث والنّحاة والشّهود. فإذا فرغ من قراءة ما يقرأ من مصنّفاته، قام الشّعراء ينشدون مدائحهم فيه.


(a) بولاق: وأجلسهم على مراتب.
(b) بولاق: لهم برد.
(c-c) ساقطة من بولاق.
(d) بولاق: القراءات.