للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمتقبّلين والعمّال، واستقصيا في الطّلب، ونظرا في المظالم (١). فتوفّرت الأموال، وزيد في الضّياع، وتزايد النّاس وتكاشفوا، وامتنعا أن يأخذا إلاّ دينارا معزيّا، فاتّضع الدّينار الرّاضي وانحطّ [إلى نحو ثلثي دينار] (a) ونقص من صرفه أكثر من ربع دينار، فخسر النّاس كثيرا من أموالهم في الدّينار الأبيض والدّينار الرّاضي. وكان صرف المعزّي خمسة عشر درهما ونصفا.

واشتدّ الاستخراج، فكان يستخرج في اليوم نيّف وخمسون ألف دينار معزّيّة، واستخرج في يوم واحد مائة وعشرون ألف دينار معزّيّة، وحصل في يوم واحد من مال تنّيس ودمياط والأشمونين أكثر من مائتي ألف دينار وعشرين ألف دينار، وهذا شيء لم يسمع قطّ بمثله في بلد (٢).

فاستمرّ الأمر على ذلك إلى المحرّم سنة خمس وستين وثلاث مائة، فتثاقل (b) يعقوب عن حضور ديوان الخراج، وانفرد بالنّظر في أمور المعزّ لدين اللّه في قصره وفي الدّور والموافقة (c) عليها.

وبعد ذلك بقليل مات المعزّ لدين اللّه في شهر ربيع الآخر منها، وقام من بعده في الخلافة ابنه العزيز باللّه أبو منصور نزار، ففوّض ليعقوب النّظر في سائر أموره، وجعله وزيرا في أوّل المحرّم سنة سبع وستين وثلاث مائة.

وفي شهر رمضان سنة ثمان وستين لقّبه ب «الوزير الأجلّ»، وأمر ألاّ يخاطبه أحد ولا يكاتبه إلاّ به، وخلع عليه وحمل (٣). ورسم له في المحرّم سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة أن يبدأ في مكاتباته باسمه على عنوانات الكتب النافذة عنه، وخرج توقيع العزيز بذلك (٤).

وفي هذه السّنة اعتقل في القصر، وردّ الأمر إلى جبر بن القاسم (٥)، فأقام معتقلا عدّة شهور، ثم أطلق في سنة أربع وسبعين، وحمل على عدّة خيول، وقرئ سجلّ بردّه إلى [ما كان له من] (d)


(a) زيادة من ابن ميسر.
(b) بولاق: تشاغل، المسودة: تنازل.
(c) بولاق: الموافق.
(d) زيادة من الإشارة لابن الصيرفي مصدر هذه المعلومات.
(١) ابن ميسر: أخبار مصر ١٦٣؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٦٩ واتعاظ الحنفا ١٤٤: ١ - ١٤٥ وفيما تقدم ٢١٨: ١، وفيما يلي ٢٦٩: ٢؛ ابن ظهيرة: الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة ١٢٧.
(٢) ابن ميسر: أخبار مصر ١٦٤؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٤٦: ١ - ١٤٧ ومسودة المواعظ ٣٧٠؛ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ١٤٦ - ١٤٨.
(٣) ابن الصيرفي: الإشارة ٤٩؛ أيمن فؤاد: المرجع السابق ٣٢٠.
(٤) نفسه ٤٩.
(٥) انظر عنه، ابن الصيرفي: الإشارة ٥٣.