للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومبلغ ارتفاعها وسائر أحوالها الظاهرة والباطنة، أتى من ذلك بالغرض. فكثرت أمواله، واتّسعت أحواله، وأعجب به كافور لما خبر فيه من الفطنة وحسن السّياسة، فقال: لو كان هذا مسلما لصلح أن يكون وزيرا. فلمّا بلغه هذا عن كافور، تاقت نفسه إلى الولاية، وأحضر من علّمه شرائع الإسلام سرّا (١).

(a)) قال ابن زولاق (a): فلمّا كان في شعبان من (b) سنة ستّ وخمسين وثلاث مائة (٢)، دخل إلى الجامع بمصر وصلّى صلاة الصّبح، وركب إلى كافور ومعه محمد بن عبد اللّه بن الخازن في خلق كثير. فخلع عليه كافور، ونزل إلى داره ومعه جمع كبير، وركب إليه أهل الدّولة يهنّؤنه، ولم يتأخّر عن الحضور إليه أحد. فغصّ بمكانه الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات وقلق بسببه، وأخذ في التّدبير عليه ونصب الحبائل له حتّى خافه يعقوب، فخرج من مصر فارّا منه يريد بلاد المغرب في شوّال سنة سبع وخمسين، وقد مات كافور. فلحق بالمعزّ لدين اللّه أبي تميم معدّ، فوقع منه موقعا حسنا، وشاهد منه معرفة وتدبيرا.

فلم يزل في خدمته حتى قدم من المغرب إلى القاهرة في شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، فقلّده في رابع عشر المحرّم سنة ثلاث وستين الخراج وجميع وجوه الأموال والحسبة والسّواحل والأعشار والجوالي والأحباس والمواريث والشّرطتين، وجميع ما ينضاف (c) إلى ذلك وما يطرأ في مصر، وسائر الأعمال. وأشرك معه في ذلك كلّه عسلوج بن الحسن، وكتب لهما سجلاّ قرئ في يوم الجمعة على منبر جامع أحمد بن طولون، فقبضت أيدي سائر العمّال والمتضمّنين (٣).

وجلس يعقوب وعسلوج في دار الإمارة في جامع أحمد بن طولون للنّداء على الضّياع وسائر وجوه الأموال، وحضر النّاس/ للقبالات (٤)، وطالبا بالبقايا من الأموال ممّا على النّاس من المالكين


(a-a) إضافة من مسودة المواعظ
(b) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: يضاف.
(١) ابن الصيرفي: الإشارة ٤٨، ٥١، ٥٢؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٦٧.
(٢) مصدر كل الخبر التالي كما في المسودة: ابن زولاق وانظر فيما تقدم ٤٣٠: ١ وأيضا اتعاظ الحنفا ١٤٥: ١ - ١٤٦ حيث حدد المقريزي أنه من كتابه «سيرة المعز لدين اللّه».
(٣) عن نظام الضّمان انظر أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية ٥١٤ - ٥١٦.
(٤) عن نظام القبالة انظر أيمن فؤاد: المرجع السابق ٥١٨ - ٥٢١، وفيما تقدم ٢١٨: ١ - ٢٣٠.