وفي سنة ٨٨٥ هـ/ ١٤٨٠ م قام الأمير يشبك من مهدي الدّوادار ببياض أماكن بالقلعة ودهان أبوابها وضرب الرّنوك السّلطانية عليها، كما قام بجلاء واجهة القصر الأبلق وما يليه حتى ظهر رخامه الملوّن (١)، كذلك قام السّلطان الأشرف قانصوه الغوري بتجديد القصر الأبلق سنة ٩١٣ هـ/ ١٠٥٧ م (٢).
ويقدّم لنا جومار كذلك وصفا للقصر الأبلق الذي أطلق عليه «قصر يوسف» ووصفه بأنّه:
«ذلك المبنى الخراب المتداعي الموغل جهة الغرب والذي يشرف على مدينة القاهرة … فهذا القصر لا تزال تبدو عليه آثار العظمة والفخامة، فحوائطه الضّخمة التي بنيت بعناية فائقة مغطّاة من الدّاخل بالنّقوش والفسيفساء والذّهب وبالتّصاوير التي ما تزال قائمة حتى الآن. كما لا يزال يوجد بقايا بعض الأقبية، إلاّ أنّها في غاية التّداعي بحيث يتعذّر وصفها.
ويحوي هذا القصر قاعة مزيّنة باثني عشر عمودا ضخما من الجرانيت يعلوها قبّة بها نقوش بأحرف مذهّبة» (٣).
وقام السّلاطين المماليك المتأخّرون، وعلى الأخصّ الاشرف قايتباي والأشرف قانصوه الغوري، بتجديد سائر أبنية القلعة، وعلى الأخصّ القاعة البيسريّة (فيما يلي ٦٧٩)، قبل أن يستولي عليها العثمانيون في سنة ٩٢٣ هـ/ ١٥١٧ م في أعقاب الفتح العثماني لمصر ويفكّوا رخامها وعواميدها وينقلوها إلى إستانبول على ظهور السّفن (٤). ففي سنة ٩١٠ هـ/ ١٥٠٤ م اهتمّ السّلطان الأشرف قانصوه الغوري «بعمارة القاعة البيسريّة وقاعة العواميد وغير ذلك من الأماكن التي بالقلعة، فجدّد ما فيها من العمارة وزخرفها إلى الغاية» يقول ابن إياس: «أنّه رسم للقاضي شهاب الدّين أحمد ناظر الجيش بأن يفكّ رخام قاعة والده ناظر الخاصّ يوسف التي سمّاها «نصف الدّنيا»، وكان فيها من الرّخام المثمّن الذي لا يوجد، وقد أفنى ناظر الخاصّ يوسف عمره على بناء هذه القاعة، فلا زال به السّلطان حتى فكّ رخام نصف الدّنيا ونقله إلى قاعة البيسريّة وقاعة الأعمدة وغير ذلك ممّا أنشأه بالقلعة» (٥)، وأضاف ابن إياس في حوادث سنة ٩٢٣ هـ/ ١٥١٧ م أنّ
(١) ابن إياس: بدائع الزهور ١٦١: ٣. (٢) نفسه ١٢٣: ٤، ٩٤: ٥. (٣) جومار: المرجع السابق ٢٣١ - ٢٣٢، وانظر فيما يلي ٦٦٩ هـ، ٦٧٦ هـ. (٤) ابن إياس: بدائع الزهور ١٦٢: ٥، ١٧٩، ١٩١. (٥) نفسه ٦٧: ٤ - ٦٨، ٩١: ٥.