للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثمانية أمتار. وقواعد هذه الأعمدة من الحجر الرّملي قد نحتت في غير دقّة.

ولم تنحت هذه الأعمدة أصلا لهذا الأثر، فقطرها ليس واحدا ويبلغ في المعتاد مترا واحدا، وتختلف أعمدة التّيجان كذلك فيما بينها، وهي في طابعها العامّ أقرب إلى الطّراز الكورنثي، غير أنّ زخارفها سطحية تقريبا، فهي لا تعدو أن تكون مجرّد رسوم خفيفة خطّت في الحجر تمثّل شكل النّخل العمودي وبعض الخيوط والعقد، وكذلك زخارف حلزونية في كلّ ركن من أركان التّاج مع قليل من البروز. والجرانيت الذي نحتت منه هذه الأعمدة لونه أحمر جميل، وإنّ المرء ليعجب من ضخامة هذه الأعمدة وصفاء لون الجرانيت الذي قدّت منه، وللوقت والجهد الذي استغرق في نقلها لمثل هذا المكان المرتفع. وتحمل هذه الأعمدة عقودا من الحجر وأفاريز مزخرفة بكتابات عربية ذات أحرف ضخمة. وتوجد بأركان السّقف - على طريقة تشبه زخارف عمائرنا - زخارف خشبية مقعّرة (مقرنصات) مكوّنة من عدّة أدوار.

أمّا مخطّط الإيوان فإنّه أكثر روعة من مخطّط أجمل جوامع القاهرة مثل: جامع ابن طولون وجامع السّلطان حسن، على الرّغم من أنّه أقلّ منها اتّساعا» (١).

وقد زال الآن كلّ أثر لهذا الإيوان الذي حلّ محلّه بين سنتي ١٨٣٠ و ١٨٤٨ م جامع محمد علي باشا الذي بناه على طراز جوامع إستانبول وعلى الأخصّ جامع السّلطان أحمد المواجه لجامع آياصوفيا.

وبالقرب من الإيوان كان «القصر الأبلق» - الذي عرف بذلك لأنّه بني بالحجر الأسود والأصفر بالتبادل - حيث كان «تخت الملك» منصوبا بصدر الإيوان الشّمالي للقصر المطلّ على الإسطبل والذي كان السّلطان يشاهد من خلاله منظرا بانوراميا يمتدّ إلى أهرام الجيزة (فيما يلي ٦٧٠). وكانت العادة أن يجلس فيه السّلطان مجلسا يوميّا - عدا يومي الاثنين والخميس اللذين كان يجلس فيهما في الإيوان - حتى السّاعة الثّالثة ظهرا، ثم يغادره إلى القصور الجوّانية ودور الحرم.


(١) جومار: وصف مدينة القاهرة وقلعة الجبل ٢٣٢ - ٢٣٣.