وصفا للقصور السلطانيّة في القلعة في أعقاب التّغييرات الهامّة التي أدخلها عليها السّلطان النّاصر محمد بن قلاوون ابتداء من عام ٧١٣ هـ/ ١٣١٣ م، على الأقلّ فيما يخصّ القسم العامّ من القلعة، لا القسم الخاصّ الذي كان يشتمل دون شكّ على: دور الحرم، والموضع المعروف بالسّبع قاعات المخصّص لجواري السّلطان، والقصور الجوّانيّة التي يأوي إليها السّلطان بعد أن يفرغ من استقبلاته اليومية أو من مجلس النّظر في المظالم.
أمّا القسم العامّ للقلعة فيشمل «الإيوان الكبير» المعروف ب «دار العدل» والذي أطلق عليه الرّحّالة الأوربيون منذ القرن السّادس عشر «ديوان يوسف»، وهو القصر الرّسميّ للقلعة حيث كان السّلطان يجلس فيه كلّ اثنين وخميس للنّظر في المظالم (فيما يلي ٦٦٠). وأمر السّلطان الأشرف قايتباي، في سنة ٨٧٥ هـ/ ١٤٧٠ م، بتجديد هذا الإيوان وإصلاح ما فسد من بنائه وصرف عليه نحوا من عشرين ألف دينار (١)، إلاّ أنّ قبّته العظيمة التي أنشأها النّاصر محمد بن قلاوون - وهي من خشب فوقها رصاص ومغلّفة بقيشاني أخضر - سقطت في سنة ٩٢٨ هـ/ ١٥٢٢ م (٢)، كما فكّ السّلطان سليم العثماني جميع رخامه والعامودين السّماقي اللذين كانا فيه، يقول ابن إياس:«فارتجّت لهما الصّليبة لمّا نزلوا بهما من القلعة، وقاست النّاس في سحبهما غاية المشقّة»(٣).
ومن حسن الحظّ فقد حفظت لنا لوحات كتاب «وصف مصر» واللّوحات التي رسمها روبرت هاي في مطلع القرن التاسع عشر في كتابه Hay، R.، Illustrations of Cairo، رسوما توضّح الشّكل الخارجي للإيوان وعواميده الضّخمة المنقولة من المعابد المصرية القديمة والتي كانت مستخدمة في قلعة الرّوضة (فيما يلي ٦٦١)، ويقول جومار في وصف «الإيوان» الذي شاهده قبل عام ١٨٠١ م:
«إنّ ما كفل له هذه الشّهرة لدى جميع الرّحّالة هو - على الأخصّ - أعمدته الجرانيتية الجميلة الاثنان والثلاثون، وجدرانه الضّخمة، وجزء من سقفه لم يبرح موضعه. أمّا الأعمدة - وكلّها لا تزال قائمة، فكلّ منها كتلة واحدة منحوتة من حجر واحد ارتفاعها بالتّقريب - إذا أهملنا التّاج - حوالي
(١) ابن إياس: بدائع الزهور ٦٠: ٣ - ٦١، ٣٢٩. (٢) نفسه ٤٤١: ٥. وانظر كذلك وصف خليل بن شاهين الظاهري: زبدة كشف الممالك ٢٦ - ٢٧. (٣) نفسه ١٩١: ٥.