وكان لا يمكن مشاهدة الجزء الرّئيس للقاعة أو الصّدر في القصر الفاطمي - حيث كان يعقد المجلس - من الصّحن، إلاّ بعد فتح باب المجلس ورفع السّتر الموجود عليه بإشارة من صاحب المجلس، ولا يتمّ ذلك إلاّ إذا تهيّأ جلوس الخليفة على السّرير في صدر المجلس (فيما تقدم ٢٩١: ٢).
ولم يكن طول قاعة الذّهب بعمق القصر عموديّا على باب الذّهب الذي يفضي إليها، وإنّما كان موازيا لواجهة القصر الرّئيسة الغربية فيما بين باب الذّهب والمحوّل الذي كان يدخل إليه من باب البحر، وهو الباب الذي يلي باب الذّهب من ناحية الشمال. وكان يسبق القاعة دهليز يعرف ب «دهليز العمود»، يبدو أنّه رواق بأعمدة ممّا يعطي انطباعا بأنّ القاعة كانت في غاية الاتّساع وأنّه كان من الضّروري وجود دعائم لرفعها مكوّنة من عدد من الأعمدة، وكانت تقود إليها «دهاليز طويلة وضيّقة ذات أقبية حالكة الظّلمة لا يستطيع الإنسان أن يتبيّن فيها شيئا»(١).
وإذا كنّا قد فقدنا كلّ أثر للقصر الفاطمي الكبير، وبالتالي لقاعة الذّهب. فقد حفظ لنا الزّمن مخطّط «قاعة ستّ الملك»(فيما تقدم ٤٩٩: ٢) - إحدى قاعات القصر الفاطمي الغربي الصّغير - حفظها لنا اتّصالها بمجموعة قلاوون الشّهيرة بمنطقة بين القصرين التي بنيت على جزء من أرض القصر الصّغير الغربي؛ فقد تمكّن ماكس هرتس باشا Max Herz Pacha خلال حفرياته بمارستان قلاوون، في مطلع القرن العشرين، من اكتشاف التّخطيط الأصلي لهذه القاعة، وهو يثبت بما لا يدع مجالا للشّكّ أنّها بنيت على طراز سامرّا الذي بنيت عليه قاعة الذّهب (٢).
ورغم أنّ التّرتيب العامّ للقصور الفاطميّة يجعلنا نجهل الأشكال المعمارية الأخرى التي يمكن أن تكون قد انتشرت في هذا العصر، فإنّه يمكننا تصوّر وجود أنماط أخرى للقاعات والأروقة ربّما تكشف عن استمرار التاثير المحلّي إلى جانب التأثير الخارجي (٣). ويمكننا أن نضيف إلى هذه الأنماط النّمط الذي خطّطّت على أساسه القاعة المعروفة ب «قاعة الدّردير» - الواقعة الآن في شارع الكعكيّين بالغوريّة والتي يدلّ موقعها على أنّها جزء من دار الوزير الفاطمي الصّالح طلائع بن رزّيك التي
(١) Schlumberger، G.، Campagnes du Roi Amaury I de Jerusalem en Egypte au XII siecle، p. ١١٨. (٢) Herz، M.، Die Baugruppe des Sultans Qalaum in Kairo، Friederichsen-Hamburg ١٩١٩، pp. ٢٥ - ٢٦; Gabriel، A.، op.cit.، pp. ٦٤ - ٦٨.L ٢ (٣) Revault، J.، «L'architecture domestiqus au Caire a I'epoque mamelouke XIII-XVI siecles»، dans Palais et Maisons du Caire I. Epoque mamelouke، Paris-CNRS ١٩٨٢، p. ٣٢.