للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنّ العمارة الإسلامية ذلك الأسلوب الذي ينسب المؤرّخ والجغرافيّ عليّ بن الحسين المسعودي، المتوفى سنة ٣٤٥ هـ/ ٩٥٦ م، إحداثه إلى الخليفة المتوكّل العبّاسي (٢٣٢ - ٢٤٧ هـ/ ٨٤٦ هـ - ٨٦١ هـ)، فقد ذكر أنّ المتوكّل:

«أحدث في أيّامه بناء لم يكن النّاس يعرفونه وهو المعروف ب «الحيري والكمّين والأروقة»، فكان الرّواق فيه مجلس الملك وهو «الصّدر»، و «الكمّان» ميمنة وميسرة، ويكون في البيتين اللذين هما الكمّان من يقرب إليه من خواصّه، وفي اليمين منهما خزانة الكسوة وفي الشّمال ما احتيج إليه من الشّراب؛ والرّواق قد عمّ فضاؤه الصّدر، والكمّان والأبواب الثلاثة على الرّواق فسمّي هذا البنيان إلى هذا الوقت ب «الحيري والكمّين» إضافة إلى الحيرة، واتّبع النّاس المتوكّل في ذلك ائتماما بفعله واشتهر إلى هذه الغاية» (١).

وقد اعتاد الباحثون على القول بأنّ هذا الطّراز من البناء هو عبارة عن إيوان مصمّم على شكل حرف ال T اللاتيني ومدعّم بغرفتين ملاصقتين واقعتين على جانبي القسم الرّئيس للإيوان والممتدّ إلى الدّاخل والذي يطلق عليه «الصّدر» والذي يماثل ذيل حرف ال T، وهو الجزء الذي يرتّب فيه مكان الاجتماع والمعروف ب «المجلس». وإذا كان الرّواق حقّا هو الطّابع المميّز لطراز سامرّا فيمكننا القول بأنّ «بيت الذّهب» الذي عمله خمارويه في داره بالقطائع، كان على هذا المثال، بما أنّ المقريزي يصفه بأنّه مجلس عمله برواق داره (فيما تقدم ٨٩: ٢).

ولا شكّ أنّ «قاعة الذّهب» الملحقة بالقصر الفاطمي الكبير، حيث كان الخلفاء الفاطميّون يجلسون الجلوس العامّ يوم الاثنين والخميس (فيما تقدم ٢٨٨: ٢، ٢٩٠)، كانت مصمّمة على هذا الطّراز الذي انتقل إلى عمائر القاهرة من الفسطاط. ويبدو أنّ هذا التّصميم كان الطّراز السّائد في هذا العصر، فقد كشفت الحفائر التي أجريت في مدينة صبرة المنصورية بتونس قرب القيروان، عن قاعة في قصر الخليفة المنصور باللّه الفاطمي تشبه القاعات الموجودة في دور الفسطاط والمبنية على طراز سامرّا (٢).


(١) المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر ٦: ٥.
(٢) Zbiss، S.M.، «Mahdia et Sabra Mansouriyya.Nouveaux documents d'art fatimide d'Occident»، JA CCXLIV (١٩٥٦)، pp.
٨٥ - ٨٨.