من حارات القاهرة تكتّلا عرقيّا كما يدلّ عليه اسمها، وتعكس في الوقت نفسه الرّوابط الاجتماعية لطبقات المجتمع القاهري الذي يأتي على قمّته القصر الخلافي ثم قصور ودور الأمراء ثم حارات الجنود والفرق العسكرية الموزّعة بطريقة عرقيّة، إلى أن نصل إلى سور المدينة (١).
وللأسف فإنّنا لا نعرف على وجه الدّقّة عدد حارات القاهرة التي اختطّت وقت تأسيس المدينة، ولكنّنا نعرف أنّ المدينة كانت مقسّمة وقت زيارة ناصر خسرو إلى عشر حارات هي:
حارة برجوان، وحارة زويلة وحارة الجوذريّة، وحارة الأمراء، وحارة الدّيالمة (الدّيلم)، وحارة الرّوم، وحارة الباطليّة، وحارة قصر الشّوك، وحارة عبيد الشّراء وحارة المصامدة (٢). ويبدو لي أنّ عدد حارات القاهرة الأولى كان ستّ حارات تقع جميعها بالقرب من أبواب المدينة هي: حارة زويلة، وحارة البرقيّة، وحارة كتامة، وحارة الباطليّة وحارة الرّوم البرّانية وحارة الرّوم الجوّانيّة التي تمثّل العناصر الرّئيسة التي شاركت في الفتح الفاطمي لمصر والتي صاحبت سواء جوهر الصّقلبي أو المعزّ لدين اللّه. أمّا بقيّة الحارات فأخذت في الظّهور مع نموّ المدينة ووصول عناصر جديدة استعان بها الأئمّة الفاطميّون لدعم الجيش الفاطمي مثل: الأتراك والدّيلم والسّودان والأرمن.
ومع ذلك فإنّ ما يذكره ناصر خسرو، نحو سنة ٤٣٩ هـ/ ١٠٤٦ م، عن حارات القاهرة العشر تنقصه الدّقّة، فقد ذكر المسبّحي، المتوفى سنة ٤٢٠ هـ/ ١٠٢٩ م، حارات أخرى مثل:
المحموديّة والبرقيّة والعطوفيّة والجوّانيّة والميمونيّة والفرحيّة (٣) والعبيد (٤). والحارات المتّفقة بين الاثنين هي فقط: زويلة والجوذريّة وعبيد الشّراء.
وبتتبّع معطيات المقريزي نجد أنّ هناك على الأقلّ أربع حارات اختطّت في عصر العزيز باللّه، ثلاثة داخل سور المدينة هي: الوزيريّة والأتراك والدّيلم (فيما يلي ١٣، ٢٣، ٢٧)، وواحدة خارج باب زويلة هي: اليانسيّة (فيما يلي ٤٦). كما أنّ هناك نحو ستّ حارات اختطّت زمن الحاكم بأمر اللّه بينها خمس داخل الأسوار هي: برجوان والجوذريّة والعطوفيّة وقائد القوّاد والمحموديّة (فيما يلي ٧، ١١، ١٢، ٣٦، ٣٩)، وواحدة خارج باب الفتوح هي حارة عبيد الشّراء «الحسينيّة»
(١) انظر تفصيل ذلك في كتابي Fu'ad Sayyid، A.، La Capitale de I'Egypte jusqu'a I'epoque fatimide، Beirut ١٩٩٨. (٢) ناصر خسرو: سفرنامة ٩٩ - ١٠٠. (٣) المسبحي: نصوص ضائعة ٢٠، ٢١، ٢٢. (٤) المسبحي: أخبار مصر ٨٧.