عمّار أهل اليمن، ففعلوا ذلك في ولايته، ثم تركوه بعد (١).
وفي ليلة النصف من رجب سنة خمس عشرة وأربع مائة، حضر الخليفة الظّاهر لإعزاز دين اللّه أبو هاشم عليّ بن الحاكم بأمر اللّه ومعه السّيّدات، وخدم الخاصّة وغيرهم وسائر العامّة والرّعايا، فجلس الخليفة في المنظرة (٢).
وكان في ليلة شعبان أيضا اجتماع لم يشهد مثله من أيام العزيز باللّه، وأوقدت المساجد كلّها أحسن وقيد، وكان مشهدا عظيما بعد عهد الناس بمثله (٣)، لأنّ الحاكم بأمر اللّه كان أبطل ذلك فانقطع عمله.
وقال ابن المأمون: ولمّا كانت ليلة مستهلّ رجب - يعني من سنة ستّ عشرة وخمس مائة - عملت الأسمطة الجاري بها العادة، وجلس الخليفة الآمر بأحكام اللّه عليها، والأجلّ المأمون الوزير ومن جرت عادته بين يديه. وأظهر الخليفة من المسرّة والانشراح ما لم تجر به عادته، وبالغ في شكر وزيره وإطرائه، وقال: قد أعدت لدولتي بهجتها، وجدّدت فيها من المحاسن ما لم يكن، وقد أخذت الأيّام نصيبها من ذلك، وبقيت اللّيالي - وقد كان بها مواسم قد زال حكمها، وكان فيها توسعة وبرّ ونفقات - وهي «ليالي الوقود الأربع»، وقد آن وقتهنّ، فأشتهي نظرهنّ. فامتثل الأمر، وتقدّم بأن يحمل إلى القاضي خمسون دينارا يصرفها في ثمن الشّمع وأن يعتمد الرّكوب في الأربع اللّيالي - وهي ليلة مستهلّ رجب، وليلة نصفه، وليلة مستهلّ شعبان، وليلة نصفه - وأن يتقدّم إلى جميع الشّهود بأن يركبوا صحبته، وأن يطلق للجوامع والمساجد توسعة في الزّيت برسم الوقود، ويتقدّم إلى متولّي بيت المال بأن يهتم برسم هذه اللّيالي من أصناف الحلاوات، ممّا يجب برسم القصور ودار الوزارة خاصّة (٤).
وقال: في سنة سبع عشرة وخمس مائة وفي اللّيلة التي صبيحتها مستهلّ رجب، حضر القاضي أبو الحجّاج يوسف بن أيّوب المغربي (٥)، ووقّع له بما استجدّ إطلاقه في العام الماضي، وهو
(١) ولي أبو العبّاس عبد اللّه بن محمد بن داود بن عيسى العبّاسي ولاية مكة سنتي ٢٤٠ و ٢٤١، وأورد الفاسي هذا الخبر ايضا عن الفاكهي. (الفاسي: العقد الثمين ٢٤٥: ٥). (٢) المسبحي: أخبار مصر ٤٨؛ المقريزي: اتعاظ ١٥١: ٢؛ مسودة الخطط ١٢٠ ظ؛ وانظر وصف ناصر خسرو لليالي الوقود سنة ٤٤٠ هـ (سفرنامه ١٠٢). (٣) نفسه ٤٨؛ نفسه ١٥١: ٢، نفسه ١٢٠ ظ. (٤) ابن المأمون: أخبار مصر ٣٦؛ المقريزي: اتعاظ ٨٢: ٣. (٥) القاضي أبو الحجاج يوسف بن أيوب بن إسماعيل