للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلاّ حاملها عند تسليمها إليه أوّل وقت الركوب (a).

ثم يؤمر بشدّ «لواءي الحمد» المختصّين بالخليفة، وهما رمحان طويلان ملبّسان بمثل أنابيب عمود المظلّة إلى حدّ نقشهما (b)، وهما من الحرير الأبيض المرقوم بالذهب، وغير منشورين بل ملفوفين على جسم الرّمحين، فيشدان ليخرجا بخروج المظلّة إلى أميرين من حاشية الخليفة برسم حملهما (١).

ويخرج إحدى وعشرون «راية» لطاف من الحرير المرقوم ملوّنة بكتابة تخالف ألوانها من غيره، ونصّ كتابتهما: ﴿نَصْرٌ مِنَ اَللّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الآية ١٣ سورة الصف]، على رماح مقوّمة من القنا المنتقى، طول كلّ راية ذراعان في عرض ذراع ونصف، في كلّ واحدة ثلاث طرّادات (c) فتسلّم لأحد وعشرين رجلا من فرسان صبيان الخاصّ (٢)، ولهم بشارة عود الخليفة سالما أحد و (d) عشرون دينارا (٣).

ثم يخرج «رمحان» رءوسهما أهلّة من ذهب صامتة، في كلّ واحد سبع من ديباج أحمر وأصفر، وفي فمه طارة مستديرة يدخل فيها الرّيح، فينفتحان فيظهر شكلهما، ويتسلّمهما فارسان من صبيان الخاصّ، فيكونان أمام الرّايات (٤).

ثم يخرج «السّيف الخاصّ»، وهو من صاعقة وقعت على ما يقال، وحليته (e) ذهب مرصّعة بالجوهر في خريطة مرقومة بالذّهب، لا يظهر إلاّ رأسه ليسلّم إلى حامله وهو أمير عظيم القدر.

وهذه عندهم رتبة جليلة المقدار، وهو أكبر حامل (٥).


(a) بولاق: ركوبه.
(b) بولاق: نصفهما.
(c) بولاق: طرازات.
(d) أحد و: ساقطة من بولاق.
(e) بولاق: جلبته.
(١) القلقشندي: صبح الأعشى ٤٦٩: ٣.
(٢) صبيان الخاص. أولاد الأجناد والأمراء وعبيد الدولة، كان إذا مات الرجل منهم وله أولاد حملوا إلى حضرة الخلافة ويودعوا في أماكن مخصوصة، ويؤخذ في تعليمهم الفروسية ويقال لهم «صبيان الخاص». (ابن ميسر: أخبار مصر ١٤٣؛ ابن الطوير: نزهة المقلتين ٦٣، ١٧٣، ١٧٤، ١٧٩؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٩٩: ٣؛ أسامة بن منقذ: الاعتبار ٣٢)، وهم في ذلك أشبه بصبيان الحجر وإن كان هؤلاء يستخدمون في الحرب مثلهم مثل المماليك.
(٣) القلقشندي: صبح الأعشى ٤٧٠: ٣.
(٤) نفسه ٤٧٠: ٣.
(٥) المقريزي: المقفى الكبير ٤٠: ٣ في ترجمة جعفر بن فاتك أخي الوزير المأمون بن البطائحي، فقد رتّبه أخوه لحمل السيف الخاص عند ما تولى الوزارة للخليفة الآمر بأحكام اللّه. ويكون في وقت مسير الخليفة راكبا في الجانب الأيسر هو