للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إنّه عمل مرّة في أيام المستنصر باللّه، فلمّا استؤذن على عرضه قال: هل وقّع أحد بما فيه غيرنا؟ قيل له: معاذ اللّه يا مولانا، ما تمّ إنعام إلاّ لك، ولا رزق إلاّ من اللّه على يديك.

فقال: ما ينقض ما خرج (a) به أمرنا ولا خطّنا وما صرفناه في دولتنا بإذننا.

وتقدّم إلى وليّ الدّولة ابن خيران (b) (١) كاتب الإنشاء بإمضائه للنّاس من غير عرض، وحمل الأمر على حكمه، ووقّع (c) الخليفة بظاهره:

«الفقر مرّ المذاق، والحاجة تذلّ الأعناق، وحراسة النّعم بإدرار الأرزاق، فليجروا على رسومهم في الإطلاق، ﴿ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اَللّهِ باقٍ﴾ (d) (٢) [الآية ٩٦ سورة النحل].

ووقّع في خلافة الحافظ لدين اللّه على استيمار الرّواتب ما نصّه:

«أمير المؤمنين لا يستكثر في ذات اللّه كثير الإعطاء، ولا يكدّره بالتأخير له والتّسويف والإبطاء. ولمّا انتهى إليه ما أرباب الرّواتب عليه من القلق للامتناع من إيجاباتهم، وحمل خروجاتهم: قد ضعفت قلوبهم، وقنطت نفوسهم، وساءت ظنونهم، شملهم برحمته ورأفته، وأمّنهم ممّا كانوا وجلين من مخافته، وجعل التّوقيع بذلك بخطّ يده تأكيدا للإنعام والمنّ، وتهنئة بصدقة لا تتبع بالأذى والمنّ؛ فليعتمد في ديوان الجيوش المنصورة إجراء ما تضمّنت هذه الأوراق ذكرهم، على ما ألفوه وعهدوه من


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: جبران.
(c) بولاق: ووقع عن.
(d) ورد بعد ذلك في نسخة آياصوفيا الفقرة التالية التي تبدأ ب: وقال في كتاب كنز الدرر، ثم كتب على هامش النسخة: لعل محله هنا أو يقدم قبل: وقال في كتاب كنز الدرر. وواضح أنها طيارة موجودة في أصل نسخة المقريزي.
(١) وليّ الدولة أبو محمد أحمد بن علي بن أحمد بن خيران. تولى ديوان الإنشاء بعد أبيه للخليفة الظاهر سنة ٤١٤ هـ/ ١٠٢٣ م، ثم للمستنصر باللّه، وتوفي بعد سنة ٤٤٣ هـ/ ١٠٥٢ م. فقد ذكر ابن القلانسي أنه كتب سجل تقليد الوزير أبي محمد اليازوري في ذي القعدة من هذه السنة. (المسبحي: أخبار مصر، الجزء الأربعون ٣١: ١، ٤٤: ٢ - ٤٦؛ ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق ٨٠، ٨٥؛ ياقوت: معجم الأدباء ٥: ٤ - ١٣؛ ابن سعيد: النجوم الزاهرة ٦٨، ٢٤٤ - ٢٤٨؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٣٨٢: ٣، ٣١: ٧؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٣٤: ٧ - ٢٣٦، (وفيهما أن وفاته كانت في رمضان سنة ٤٣١ هـ).
(٢) ابن الطوير: نزهة المقلتين ٧٨؛ ابن الفرات: تاريخ ٤/ ١٥٠: ١ - ١٥١؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٤٩١: ٣؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣٤٣: ٣.