للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليوم ببستان الطّواشي أيضا، وبين بستان الجرف وبستان الطّواشي هذا مراغة مصر المسلوك فيها (a) إلى الكبارة وباب مصر.

وقال ابن المتوّج: ورأيت من نقل عمّن نقل عمّن رأى هذا القلوص يتّصل إلى آدرّ الساحل القديم، وأنّه شاهد ما عليه من العمائر المطلّة على بحر النّيل من الرّباع والدور المطلّة، ما عدا (b) الأسطال التي كانت بالطّاقات المطلّة عليه (c)، فكانت عدّتها ستة عشر ألف سطل مؤبّدة ببكر فيها أطناب ترخى بها وتملأ (١). أخبرني بذلك من أثق بنقله، وقال: إنّه أخبره من يثق به متّصلا بالمشاهد له الموثوق به.

قال: وباب مصر الآن بين البستان الذي قبليّ الجامع الجديد - يعني بستان العالمة - وبين كوم المشانيق - يعني كوم الكبارة -، ورأيت السّور يتّصل به إلى دار النّحاس، وجميع ما بظاهره شون.

ولم يزل هذا السّور القديم، الذي هو قبليّ بستان العالمة (٢)، موجودا أراه وأعرفه، إلى أن اشترى أرضه من باب مصر إلى موقف المكارية بالخشّابين القديمة الأمير حسام الدّين طرنطاي المنصوري، فأجّر مكانه للعامّة. وصار كلّ من استأجر قطعة هدم ما بها من البناء بالطوب اللّبن، وقلع الأساس الحجر وبنى به، فزال السّور المذكور، ثم حدث السّاحل الجديد.

قال كاتبه (d): وهذا الباب الذي ذكره ابن المتوّج، كان يقال له باب السّاحل. وأوّل حفر ساحل مصر في سنة ستّ وثلاثين وثلاث مائة، وذلك أنّه جفّ النّيل عن برّ مصر حتى احتاج النّاس أن يستقوا من بحر (e) الجيزة الذي هو فيما بين جزيرة مصر - التي تدعى الآن بالرّوضة - وبين الجيزة، وصار النّاس يمشون هم والدّواب إلى الجزيرة، فحفر الأستاذ كافور الإخشيدي - وهو يومئذ (f) قائم بتدبير أمر الأمير أبي القاسم أونوجور (f) بن الإخشيد - خليجا حتى اتّصل بخليج بني وائل، ودخل الماء إلى ساحل مصر؛ وذلك (g) أنّه لمّا كان قبل سنة ستّ مائة، تقلّص الماء عن ساحل مصر القديم (h)، وصار في زمن الاحتراق يقلّ حتى تصير الطّريق إلى المقياس يبسا. فلمّا


(a) بولاق: منها.
(b) بولاق: وعد.
(c) بولاق: المطلة على بحر النيل.
(d) بولاق: مؤلفه .
(e) آياصوفيا: نحو.
(f) (f-f) في موضع هذه العبارة في بولاق: مقدم أمراء الدولة لأونوجور.
(g) بولاق: ثم.
(h) بولاق: القديمة.
(١) ابن دقماق: الانتصار ٧٧: ٤ - ٧٨؛ وفيما تقدم ١٢٥.
(٢) انظر عن بستان العالمة فيما يلي ١٦٢.