للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعيد في كتاب «المغرب في حلى المغرب»: وفي الفسطاط دار تعرف بعبد العزيز، يصبّ فيها لمن بها في كلّ يوم أربع مائة راوية ماء. وحسبك من دار واحدة يحتاج أهلها في كلّ يوم إلى هذا القدر من الماء (١)!

وقال ابن المتوّج في كتاب «إيقاظ المتغفّل واتّعاظ المتأمّل» عن ساحل مصر: ورأيت من نقل عمّن نقل عمّن رأى الأسطال التي كانت بالطّاقات المطلّة على النّيل، وكان عددها ستّة عشر ألف سطل مؤبّدة ببكر وأطناب بها ترخى وتملأ، أخبرني بذلك من أثق بنقله (٢).

قال: وكان بالفسطاط في جهته الشّرقيّة حمّام من بناء الرّوم عامرة زمن أحمد بن طولون، قال الرّاوي: دخلتها في زمن خمارويه بن أحمد بن طولون، وطلبت بها صانعا يخدمني، فلم أجد فيها صانعا متفرّغا لخدمتي، وقيل لي إنّ كلّ صانع معه اثنان يخدمهم وثلاثة. فسألت: كم فيها من صانع؟ فأخبرت أنّ بها سبعين صانعا قلّ من معه دون ثلاثة، سوى من قضى حاجته وخرج. قال: فخرجت ولم أدخلها لعدم من يخدمني بها، ثم طفت غيرها، فلم أقدر على من أجده فارغا إلاّ بعد أربع حمّامات، وكان الذي خدمني فيها نائبا (٣).

فانظر - رحمك اللّه - ما اشتمل عليه هذا الخبر، مع ما ذكره القضاعيّ من عدد الحمّامات وأنّها ألف ومائة وسبعون حمّاما (٤)، تعرف من ذلك كثرة ما كان بمصر من النّاس، هذا والسّعر راخ فالقمح (a) كلّ خمسة أرادبّ بدينار، وأبيع (b) عشرة أرادبّ بدينار في أيّام (c) أحمد بن طولون.

قال ابن المتوّج: خطّ (d) مسجد عبد اللّه (٥) أدركت به (e) آثار دار عظيمة قيل إنّها كانت دار كافور الإخشيدي. ويقال إنّ هذه الخطّة تعرف بسوق العسكر، وكان به مسجد الوكزة (f)، وقيل


(a) بولاق: والقمح.
(b) بولاق: بيعت.
(c) بولاق: زمن.
(d) بولاق: خطة.
(e) بولاق: بها.
(f) بولاق: الزكاة.
(١) ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب ٣، وفيما يلي ١٣٢، ١٥١.
(٢) ابن دقماق: الانتصار ٧٧: ٤ - ٧٨، وفيما يلي ١٦٠.
(٣) نفسه ١٠٦: ٤ - ١٠٧.
(٤) فيما يلي ٨٠: ٢.
(٥) مسجد عبد اللّه بناه عبد اللّه بن عبد الملك بن مروان والي مصر الأموي بين سنتي ٨٦ - ٩٠ هـ. كان يقع في المنطقة الواقعة بين درب المعاصر وباب الصّفا شمالي الفسطاط. وجعل مؤلفو الخطط المتقدمون مسجد عبد اللّه هو الحد الفاصل بين جانبي الفسطاط الشرقي والغربي - أي عمل فوق وعمل أسفل - وقد تخرّب هذا المسجد قبل عصر ابن دقماق والمقريزي. ويمكن تحديد موضعه إلى الجنوب قليلا من الجامع الحالي المعروف بجامع أبي السعود الجارحي الذي