للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدلّ ذوي الألباب أنّ بناءه … وبانيه لا بالضّنين ولا الغمر

بناه بآجرّ وساج (a) وعرعر … وبالمرمر المسنون والجصّ والصّخر

بعيد مدى الأقطار سام بناؤه … وثيق المباني من عقود ومن جدر

فسيح الرّحاب يحسر (b) الطّرف دونه … رقيق النّسيم (c) طيّب العرف والنّشر

/ (وتنّور فرعون) الّذي فوق قلّة … على جبل عال على شاهق وعر

بنى مسجدا فيه يروق (d) بناؤه … ويهدي به في اللّيل إن ضلّ من يسري

تخال سنا قنديله وضياءه … سهيلا إذا ما لاح في اللّيل للسّفر

وعين معين الشّرب غير (e) ركيّة … وغير (e) أجاج للرّواة وللطّهر

كأنّ وفود النّيل في جنباتها … تروح وتغدو بين مدّ إلى جزر

فأرقأها (f) مستنبطا لمعينها … من الأرض من بطن عميق إلى ظهر

بناء لو أنّ الجنّ جاءت بمثله … لقيل: لقد جاءت بمستفظع نكر

يمرّ على أرض المعافر كلّها … وشعبان والأحمور والحيّ من بشر

قبائل لا نوء السّحاب يمدّها … ولا النّيل يرويها ولا جدول يجري

ولا تنس (مارستانه) واتّساعه … وتوسعة الأرزاق للحول والشّهر

وما فيه من قوّامه وكفاته … ورفقهم بالمعتفين ذوي الفقر

فللميّت المقبور حسن جهازه … وللحيّ رفق في علاج وفي جبر

وإن جئت رأس الجسر فانظر تأمّلا … إلى (الحصن) أو فاعبر إليه على الجسر

ترى أثرا لم يبق من يستطيعه … من النّاس في بدو البلاد ولا حضر

مآثر لا تبلى وإن باد أهلها … ومجد يؤدّي وارثيه إلى الفخر

لقد ضمّن القبر المقدّر ذرعه … أجلّ إذا ما قيس من قبّتي حجر

وقام أبو الجيش ابنه بعد موته … كما قام ليث الغاب في الأسل السّمر

أتته المنايا وهو في أمن داره … فأصبح مسلوبا من النّهي والأمر

كذاك اللّيالي من أعارته بهجة … فيا لك من ناب حديد ومن ظفر

وورّث هارون ابنه تاج ملكه (g) … كذاك أبو الأشبال ذو النّاب والهصر

وقد كان جيش قبله في محلّه … ولكنّ جيشا كان مستقصر (h) العمر


(a) الكندي: آس.
(b) بولاق: يحصر.
(c) بولاق: نسيم.
(d) الكندي: يفوق.
(e) بولاق: عين.
(f) بولاق: فأرك بها.
(g) الكندي: تاج ماجد.
(h) الكندي: مستنقص.