الباعة سوق حسن عامر نبيل (a). فصارت «القطائع» مدينة كبيرة أعمر من أكبر مدن الشّام وأحسن (b).
وبنى ابن طولون قصره ووسّعه وحسّنه، وجعل له ميدانا كبيرا يضرب فيه بالصّوالجة، فسمّي القصر كلّه الميدان، وكان كلّ من أراد الخروج من صغير وكبير إذا سئل عن ذهابه يقول:«إلى الميدان».
وعمل للميدان أبوابا لكلّ باب اسم، وهي: باب الميدان ومنه كان يدخل ويخرج معظم الجيش، وباب الصّوالجة، وباب الخاصّة ولا يدخل منه إلاّ خاصّة ابن طولون، وباب الجبل لأنّه ممّا يلي جبل المقطّم، وباب الحرم ولا يدخل منه إلاّ خادم خصيّ أو حرمة، وباب الدّرمون لأنّه كان يجلس عنده حاجب أسود عظيم الخلقة يتقلّد جنايات الغلمان السّودان الرّجّالة فقط، يقال له الدّرمون، وباب دعناج لأنّه كان يجلس عنده حاجب يقال له دعناج، وباب السّاج لأنّه عمل من خشب السّاج، وباب الصّلاة لأنّه كان في الشّارع الأعظم ومنه يتوصّل إلى جامع ابن طولون، وعرف هذا الباب أيضا بباب السّباع لأنّه كان عليه صورة سبعين من جبس (١).
وكان الطّريق الذي يخرج منه ابن طولون - وهو الذي يعرج منه إلى القصر - طريقا واسعا، فقطعه بحائط، وعمل فيه ثلاثة أبواب كأكبر ما يكون من الأبواب، وكانت متّصلة بعضها ببعض واحدا بجانب الآخر. فكان (c) ابن طولون إذا ركب يخرج معه عسكر متكاثف الخروج على ترتيب حسن بغير زحمة، ثم يخرج ابن طولون من الباب الأوسط من الأبواب الثلاثة بمفرده من غير أن يختلط به أحد من الناس.
وكانت الأبواب المذكورة تفتح كلّها في يوم العيد، أو يوم عرض الجيش، أو يوم صدقة، وما عدا هذه الأيام لا تفتح إلاّ بترتيب في أوقات معروفة (٢).
وكان القصر له مجلس يشرف منه ابن طولون يوم العرض ويوم الصّدقة لينظر من أعلاه من يدخل ويخرج. وكان الناس يدخلون من باب الصّوالجة، ويخرجون من باب السّباع. وكان
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: أعمر وأحسن من الشام. (c) بولاق: وكان. (١) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢١٦: ٣، وانظر كذلك الشارع الأعظم بالقاهرة فيما يلي ٢٤٤ وامتداده إلى الفسطاط فيما يلي ٥٧٥. (٢) نفسه ١٦: ٣.