للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخليفة، وردّ ما أخذ من المال، فأجاب بجواب قبيح. فسار لستّ خلون من جمادى الآخرة، واستخلف أخاه موسى بن طولون على مصر، ثم رجع من الطّريق بكتاب ورد عليه من العراق، ودخل الفسطاط في شعبان (١).

وقدم من العراق أماجور (a) (٢) التركي لمحاربة ابن شيخ، فلقيه أصحاب ابن شيخ وعليهم ابنه فانهزموا منه وقتل الابن، واستولى أماجور على دمشق، ولحق ابن شيخ بنواحي أرمينية، وتقلّد أماجور (a) أعمال الشّام كلّه.

وصار أحمد بن طولون، من كثرة العبيد والرّجال والآلات بحال يضيق به داره ولا يتّسع له، فركب إلى سفح الجبل في شعبان وأمر بحرث قبور اليهود والنّصارى، واختطّ موضعها، فبنى القصر والميدان، وتقدّم إلى أصحابه وغلمانه وأتباعه أن يختطّوا لأنفسهم حوله، فاختطّوا وبنوا حتى اتّصل البناء بعمارة الفسطاط (٣). ثم قطّعت القطائع، وسمّيت كلّ قطيعة باسم من سكنها:

فكانت للنّوبة قطيعة (b) مفردة تعرف بهم، وللرّوم قطيعة (b) مفردة تعرف بهم، وللفرّاشين قطيعة (b) مفردة تعرف بهم، ولكلّ صنف من الغلمان قطيعة (b) مفردة تعرف بهم. وبنى القوّاد مواضع متفرّقة، فعمرت القطائع عمارة حسنة، وتفرّقت فيها السّكك والأزقّة، وبنيت فيها المساجد الحسان والطّواحين والحمّامات والأفران (٤).

وسمّيت أسواقها: فقيل سوق العيّارين وكان يجمع العطّارين والبزّازين، وسوق الفاميّين ويجمع الجزّارين والبقّالين والشّوّائين، فكان في دكاكين الفاميّين جميع ما في دكاكين نظرائهم في المدينة وأكثر وأحسن، وسوق الطّبّاخين ويجمع الصّيارف والخبّازين والحلوانيّين، ولكلّ من


(a) النسخ وكذلك الكندي: ماجور والصواب ما أثبته.
(b) آياصوفيا وقييت: قطعة، وقد فضّلت إثبات رواية بولاق ورواية النجوم الزاهرة.
(١) الكندي: ولاة مصر ٢٤١ - ٢٤٢.
(٢) ورد هذا الاسم بصيغة خاطئة في جميع مخطوطات الكتاب: ماجور، ماخور (فيما يلي ١٧٩: ٢، ١٨٠) كما لم يصوبه قييت. وصواب اسمه أماجور كما ورد على المصحف الذي وقفه في سنة ٢٦٢ هـ على أحد مساجد مدينة صور. وكان أماجور التركي هو والي دمشق العباسي بين سنتي ٢٥٦ - ٢٦٤ هـ/ ٨٧٠ - ٨٧٨ م. (الصفدي: الوافي بالوفيات ٣٧٥: ٩ - ٣٧٦؛ De? roche، F.، «The Qur'?n (of Am?gu? r»، MME V (١٩٩٠ - ٩١)، pp. ٥٩ - ٦٦.
(٣) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٥: ٣؛ ابن دقماق: الانتصار ١٢١: ٤ (عن القضاعي).
(٤) نفسه ١٥: ٣ عن القضاعي.