فسمع ذلك جواسيس عليّ ﵁ وما زال به محمد بن أبي بكر وعبد اللّه بن جعفر، حتّى كتب إلى قيس بن سعد يأمره بالقدوم إليه؛ فوليها إلى أن غزل أربعة أشهر وخمسة أيام، وصرف لخمس خلون من رجب سنة سبع وثلاثين (١).
فوليها الأشتر مالك بن الحارث بن خالد النّخعي، من قبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، فلمّا قدم القلزم شرب عسلا فمات، فبلغ ذلك عمرا ومعاوية، فقال عمرو: إنّ للّه جنودا من عسل (٢).
ثم وليها محمّد بن أبي بكر الصّدّيق من قبل عليّ ﵁ وجمع له صلاتها وخراجها، فدخلها للنصف من رمضان سنة سبع وثلاثين، فهدم دور شيعة عثمان، ونهب أموالهم، وسجن ذراريهم، فنصبوا له الحرب، ثم صالحهم على أن يسيّرهم إلى معاوية، فلحقوا بمعاوية بالشّام (٣).
فبعث معاوية عمرو بن العاص في جيوش أهل الشّام إلى الفسطاط، وتغيّب ابن أبي بكر، فظفر به معاوية بن حديج فقتله، ثم جعله في جيفة حمار ميّت، وأحرقه بالنّار لأربع عشرة خلت من صفر سنة ثمان وثلاثين. فكانت ولايته خمسة أشهر (٤).
ثم وليها عمرو بن العاص ولايته الثانية، من قبل معاوية بن أبي سفيان ﵁ فاستقبل بولايته شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وثلاثين، وجعل إليه الصّلاة والخراج جميعا، وجعلت مصر له طعمة بعد عطاء جندها والنّفقة في مصلحتها.
ثم خرج عمرو للحكومة، واستخلف على مصر ابنه عبد اللّه، وقيل بل خارجة بن حذافة، ورجع إلى مصر.
وتعاقد بنو ملجم (a): عبد الرّحمن وقيس ويزيد على قتل عليّ ومعاوية وعمرو، وتواعدوا ليلة من رمضان سنة أربعين، فمضى كلّ منهم إلى صاحبه، وكان يزيد هو صاحب عمرو، فعرضت لعمرو علّة منعته من حضور المسجد، فصلّى خارجة بالنّاس، فشدّ عليه يزيد فضربه حتى قتله؛ فدخل به
(a) بولاق: بنو لخم. (١) الكندي: ولاة مصر ٤٥، ٤٦. (٢) نفسه ٤٦، ٤٧. (٣) نفسه ٥٠، ٥١. (٤) نفسه ٥٢.