للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاضر الحصن حين حاصره المسلمون، فقاتل عمرو بن العاص من بالحصن (١).

وجاء رجل إلى عمرو فقال: اندب معي خيلا حتى آتي من ورائهم (a) عند القتال. فأخرج معه خمس مائة فارس، عليهم خارجة بن حذافة في قول، فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بني وائل قبل الصّبح. وكانت الرّوم قد خندقوا خندقا، وجعلوا له أبوابا، وبثّوا في أفنيتها حسك الحديد، فالتقى القوم حين أصبحوا، وخرج خارجة من ورائهم، فانهزموا حتى دخلوا الحصن، وكانوا قد خندقوا حوله (٢).

فنزل عمرو على الحصن، وقاتلهم قتالا شديدا يصبحهم ويمسيهم. وقيل إنّه لمّا أبطأ الفتح على عمرو، كتب إلى عمر بن الخطّاب يستمدّه ويعلمه بذلك، فأمدّه بأربعة آلاف رجل، على كلّ ألف رجل منهم رجل (b) مقام الألف: الزّبير بن العوّام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصّامت، ومسلمة بن مخلد، وقيل بل خارجة بن حذافة لا يعدون مسلمة؛ وقال عمر: اعلم أنّ معك اثنى عشر ألفا، ولا تغلب اثنا عشر ألفا من قلّة (٣).

وقيل قدم الزّبير في اثني عشر ألفا؛ وإنّ عمرا لمّا قدم من الشّام كان في عدّة قليلة، فكان يفرّق أصحابه ليرى العدوّ أنّهم أكثر ممّا هم. فلمّا انتهى إلى الخندق نادوه: أن قد رأينا ما صنعت، وإنّما معك من أصحابك كذا وكذا؛ فلم يخطئوا برجل واحد. فأقام عمرو على ذلك أيّاما، يغدو في السّحر فيصفّ أصحابه على أفواه الخندق عليهم السّلاح، فبينا هو على ذلك إذ جاءه خبر الزّبير ابن العوّام أنّه قدم/ في اثني عشر ألفا، فتلقّاه عمرو، ثم أقبلا يسيران. ثم لم يلبث الزّبير أن ركب، ثم طاف بالخندق، ثم فرّق الرّجال حول الخندق، وألحّ عمرو على القصر، ووضع عليه المنجنيق.

ودخل عمرو إلى صاحب الحصن، فتناظرا في شيء ممّا هم فيه، فقال عمرو: أخرج وأستشير أصحابي؛ وقد كان صاحب الحصن أوصى الذي على الباب إذا مرّ به عمرو أن يلقي عليه صخرة


(a) بولاق: دياراتهم.
(b) ساقطة من بولاق.
(١) الكندي: ولاة مصر ٣١ وانظر حول شخصية المقوقس الذي دارت معه المفاوضة من المسلمين الفاتحين والخلاف حولها Ohrenberg، K.، El ٢? art.al Mukawkis VII، pp. ٥١١ - ١٣؛ أحمد فؤاد: تاريخ الدعوة الإسلامية في عهد النّبي والخلفاء الراشدين، القاهرة ١٩٩٧، ٦٤٢ - ٧٦٣.
(٢) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٥٩؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٨: ١.
(٣) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٦١؛ أبو المحاسن: النجوم ٨: ١.