تاريخ المدن إذ يبلغ ثمانين مجلّدة مرتّب على التّراجم، مثله مثل كتاب «تاريخ بغداد أو تاريخ مدينة السّلام» للخطيب البغدادي، المتوفى سنة ٤٦٣ هـ/ ١٠٧١ م؛ رتّبه مؤلّفه على حروف الهجاء وقصد تسمية من حلّ مدينة دمشق من الأوائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، مع مقدّمة عن خطط المدينة. نقل عنه المقريزي في المجلّد الأوّل (٧٢٤: ١ - ٧٢٥) نصّا حول تحديد يوم النّوروز، واستشهد به (فيما يلي ٣٠٠) لذكر حديث ثواب صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجّة (غدير خمّ).
ونقل المقريزي كذلك من كتاب «النّبراس في تاريخ خلفاء بني العبّاس» لأبي الخطّاب عمر بن الحسن بن عليّ بن محمد بن دحية الكلبي الأندلسي البلنسي الدّاني، أحد علماء الأندلس ومحدّثيه المشهورين، الذي زار العديد من البلاد في المغرب والمشرق طلبا للحديث، وعند ما جاء إلى مصر - في زيارته الثّانية لها - في عهد السّلطان الملك الكامل محمد الأيّوبي ولاّه رئاسة دار الحديث التي أنشأها سنة ٦٢٢ هـ/ ١٢٢٧ م، فظلّ بمصر حتى وفاته سنة ٦٣٣ هـ/ ١٢٣٥ م عن سبع وثمانين سنة ودفن في سفح المقطّم (١). وكتاب «النّبراس»، كتاب مختصر في تاريخ الخلفاء العبّاسيين، تناول فيه ابن دحية استطرادات وصفيّة عن مصر هي التي نقلها المقريزي (فيما تقدّم ٥٨: ١، ٢٠٢؛ وفيما يلي ١١٢، ٥٨؛ ٣٧٥: ٢)، وإن كانت لا توجد جميعها في ما وصل إلينا من هذا الكتاب.
ونقل المقريزيّ في موضع واحد (فيما يلي ٣٢٦) من كتاب «كنز الدّرر وجامع الغرر» لأبي بكر بن عبد اللّه بن أيبك الدّواداري، المتوفى بعد سنة ٧٣٦ هـ/ ١٣٣٥ م، وهو مؤلّف لا نعرف عنه الشيء الكثير، كان جدّه صاحب صرخد - بليدة في حوران لها قلعة مشهورة - ونشأ هو وتربّى في القاهرة في الحارة الباطليّة جنوب الجامع الأزهر، وصحب والده فيما أسند إليه من مناصب حيث تولّى أعمال الشّرقيّة وإمرة العربان سنة ٦٩٥ هـ/ ١٢٩٩ م، ثم أصبح مهمندارا بدمشق بين سنة ٧١٠ هـ/ ١٣١٠ م وحتى وفاته سنة ٧١٣ هـ/ ١٣١٣ م. ولا ندري إن كان مؤلّف «كنز الدّرر» بقي بدمشق بعد وفاة والده أو عاد إلى القاهرة.
وكتاب «كنز الدّرر» تاريخ ضخم يقع في تسعة مجلّدات بدأ في تأليفه سنة ٧٠٩ هـ/ ١٣٠٩ م وفرغ من المجلّد التاسع في مستهل سنة ٧٣٦ هـ/ ١٣٣٥ م. ووصل إلينا هذا التأريخ في نسخة