للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستعجلون فيه ويتوخّون بلوغ ما [كان لهم من] (a) الثّأر والغارات قبل [دخول] (a) رجب فإنّه شهر حرام، ويقولون له «الأصمّ» لأنّهم كانوا يكفّون فيه عن القتال، فلا يسمع فيه صوت سلاح؛ والواغل الدّاخل على شراب ولم يدعوه، وذلك لأنّه تهجّم على شهر رمضان، وكان يكثر في شهر رمضان شربهم الخمر، لأنّ الذي يتلوه هي شهور الحجّ؛ وناطل هو مكيال الخمر، سمّي به لإفراطهم فيه في الشّرب، وكثرة استعمالهم لذلك المكيال؛ وأمّا العادل فهو من العدل، لأنّه من أشهر الحجّ، وكانوا يشتغلون فيه عن الباطل؛ وأما الرّنّة (b) فلأنّ الأنعام كانت ترن (c) فيه لقرب النّحر؛ وأمّا برك فهو لبروك الإبل إذا أحضرت (d) المنحر (١).

وقد روي أنّهم كانوا يسمّون المحرّم مؤتمر، وصفر ناجر، وربيع الأوّل نصار، وربيع الآخر خوان، وجمادى الأولى حمين، وجمادى الآخرة الرّنّة، ورجب الأصمّ - وهو شهر مضر، وكانت العرب تصومه في الجاهلية، وكانت تمتار فيه وتمير أهلها، وكان يأمن بعضهم بعضا فيه، ويخرجون إلى الأسفار ولا يخافون - وشعبان عادل، ورمضان ناتق، وشوّال واغل، وذو القعدة هواع، وذو الحجّة برك، ويقال فيه أيضا أبروك، وكانوا يسمّونه الميمون.

ثم سمّت العرب أشهرها بالمحرّم، وصفر، وربيع الأوّل، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان ورمضان، وشوّال، وذي القعدة، وذي الحجّة (٢).

/ واشتقّوا أسماءها من أمور اتّفق وقوعها عند تسميتها: فالمحرّم كانوا يحرّمون فيه القتال، وصفر كانت تصفّر فيه بيوتهم لخروجهم إلى الغزو، وشهرا ربيع كانا زمن الرّبيع، وشهرا جمادى كانا يجمد فيهما الماء لشدّة البرد، ورجب الوسط، وشعبان يشعب فيه القتال، ورمضان من الرّمضاء لأنّه كان يأتي فيه القيظ، وشوّال تشيل فيه الإبل أذنابها، وذو القعدة لقعودهم في دورهم، وذو الحجّة لأنّه شهر الحجّ (٣).


(a) زيادة من البيروني.
(b) بولاق: الزباء.
(c) بولاق: تزب.
(d) بولاق: حضرت.
(١) نقلا عن البيروني: الآثار الباقية ٦٠ - ٦١.
(٢) نفسه ٦٠؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٧٣: ٢ - ٣٨٢، وبينها خلاف في رسم الكلمات.
(٣) قارن مع المسعودي: مروج الذهب ٣٤٦: ٢ - ٣٤٧؛ البيروني: الآثار الباقية ٣٢٥.