وأنفذته إلى عبيد اللّه بن يحيى، فأمر أن يستفتح الخراج في خمس من حزيران، وتقدّم إلى إبراهيم بن العبّاس في أن ينشئ كتابا عن أمير المؤمنين في ذلك ينفذ نسخته إلى النّواحي، فعمل إبراهيم بن العبّاس [الصّولي] (a) (١) كتابه المشهور في أيدي النّاس. قال أبو أحمد: فقال لي المعتضد: يا يحيى، هذا واللّه فعل حسن، وينبغي أن يعمل به. فقلت: ما أحد أولى بفعل الحسن وإحياء السّنن الشّريفة من سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين، لما جمعه اللّه فيه من المحاسن، ووهبه له من الفضائل. فدعا بعبيد اللّه بن سليمان (٢)، وقال له: اسمع من يحيى ما يخبرك به، وأمض الأمر في استفتاح الخراج عليه. قال: فصرت مع عبيد اللّه بن سليمان إلى الدّيوان، وعرّفته الخبر، فأحبّ تأخيره عن ذلك لئلاّ يجري الأمر المجري الأوّل بعينه، فجعله في أحد عشر من حزيران، واستأمر المعتضد في ذلك فأمضاه (٣).
فقلت في ذلك شعرا أنشدته للمعتضد في هذا المعنى (٤):
[الرمل]
يوم نوروزك يوم … واحد لا يتأخّر
من حزيران يوافي … أبدا في أحد عشر
قال: وأخبرني بعض مشايخ الكتّاب، قال: كانت الخلفاء تؤخّر النّوروز عن وقته عشرين يوما وأقلّ وأكثر، ليكون ذلك سببا لتأخير افتتاح الخراج على أهله.
فأمّا (b) المهرجان فلم تكن تؤخّره عن وقته يوما واحدا، فكان أوّل من قدّمه عن وقته بيوم، المعتمد بمدينة السّلام في سنة خمس وستين ومائتين، وأمر المعتضد بتأخير النّوروز عن وقته ستين يوما.
(a) زيادة من البيروني. (b) بولاق: وأما. (١) أبو إسحاق إبراهيم بن العبّاس بن محمد الصّولي، أحد الشعراء المشهورين والكتاب المذكورين المتوفى سنة ٢٤٣ هـ/ ٨٥٧ م (أبو الفرج الأصبهاني: الأغاني ٤٣: ١٠ - ٦٨؛ ياقوت: معجم الأدباء ١٦٤: ١ - ١٩٨؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٤: ٦ - ٢٨). (٢) أبو القاسم عبيد اللّه بن سليمان بن وهب الكاتب وزير المعتضد باللّه العباسي المتوفى سنة ٢٨٨ هـ/ ٩٠١ م (الصفدي: الوافي بالوفيات ٣٧٣: ١٩ - ٣٧٦). (٣) قارن أبا هلال العسكري: الأوائل ٢٧٠ - ٢٧٣؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٥٥: ١٣ - ٥٧. (٤) انظر البيتين عند البيروني: الآثار الباقية ٣٣.