للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأفته وحسن نظره، وإقامته عليها من عدله وإنصافه، ورفعه عنها في خلافته من الظّلم الشّامل ما كان الأقصى والأدنى، والصّغير والكبير، والمسلم والذّمّي فيه سواء، ما حرّرته من نقل كتب الخراج عن السّنة التي كانت تنسب إليها من سني الهجرة، إلى السّنة التي فيها تدرك الغلاّت ويستخرج المال.

وإنّ ذلك ما كان بعض أهل الجهل حاوله وبعض المتغلّبين استعمله، من تثبيت الخراج على أهله، ومطالبتهم به قبل وقت الزّراعة، وإعناتهم (a) بذكر سنة من السنتين اللّتين ينسب الخراج لإحداهما، وتدرك الغلاّت ويقع الاستخراج في الأخرى منهما، في حساب شهور الفرس التي عليها يجري العمل في الخراج بالسّواد وما يليه، والأهواز وفارس والجبل وما يتّصل به من جميع نواحي المشرق وما يضاف إليه.

إذا كان عمل الشّام والجزيرة والموصل جرى على حساب شهور الرّوم الموافقة للأزمنة، فليست تختلف أوقاتها مع الكبيسة المستعملة فيها.

والعمل في خراج مصر وما والاها على شهور القبط الموافقة لشهور الرّوم، وكانت من شهور الفرس قد خالفت مواقعها من الزّمان بما ترك من الكبس، منذ أزال اللّه ملك فارس، وفتح للمسلمين بلادهم، فصار النّوروز - الذي كان الخراج يفتتح فيه بالعراق والمشرق - قد تقدّم في ترك الكبس شهرين، وصارا بينه وبين إدراك الغلّة.

فأمر أمير المؤمنين - بما جبل اللّه عليه رأيه في التّوصّل إلى كلّ ما عاد بصلاح رعيّته، وحسما للأسباب المؤدّية إلى إعناتها (b) - بتأخير النّوروز الذي يقع في شهور سنة اثنتين وثمانين ومائتين من سني الهجرة، عن الوقت الذي يتّفق فيه أيّام سنة الفرس - وهو يوم الجمعة لإحدى عشرة تخلو من صفر - مثل عدّة أيام الشهرين من شهور الفرس التي ترك كبسها وهي ستون يوما، حتى يكون نوروز السنة واقعا يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة تخلو من شهر


(a) بولاق: وإعيائهم.
(b) بولاق: إعيائهم.