على أراضي مصر إلى وقت «الرّوك النّاصري» الذي أمر به السّلطان النّاصر محمد بن قلاوون سنة ٧١٥ هـ/ ١٣١٥ م، والذي اعتمد فيه المقريزي على مصادر بعضها لم يصل إلينا أو وصل إلينا مبتورا مثل:«أخبار مصر» للمسبّحي، و «أخبار مصر» لابن المأمون و «أخبار مصر» لابن ميسّر و «سيرة الوزير اليازوري» و «المنهاج في أحكام خراج مصر» للمخزومي، بالإضافة إلى «قوانين الدّواوين» لابن ممّاتي - الذي اعتمد عليه المقريزي اعتمادا تامّا عند ذكره أصناف أراضي مصر وأقسام زراعتها (فيما يلي ٢٧٠ - ٢٧٨) - وأوراق رمسية أطلق عليها «جرائد ديوان الجيش بأوراق الرّوك النّاصري»(فيما يلي ٢٥٥).
وستكون مؤلّفات المسبّحي وابن المأمون وابن ميسّر من أهم مصادر المجلّد الثاني من الكتاب، لذلك سأرجئ الحديث عنها إلى مقدّمة هذا المجلّد. أمّا كتاب «المنهاج في أحكام خراج مصر» للقاضي السّعيد ثقة الثّقات ذي الرّياستين أبي الحسين عليّ بن عثمان بن يوسف المخزومي المتوفى سنة ٥٨٥ هـ/ ١١٨٩ م، صاحب النّظر في ديوان مصر (١)، فمصدر وحيد في وصف النّظام المالي في مصر في آخر عهد الدولة الفاطمية ومطلع عهد الدولة الأيّوبية، قال عنه المقريزي:«وهو كتاب جليل الفائدة»(٢).
ويقدّم لنا المخزومي معلومات هامّة لا نظير لها حول تنظيمات الجيش، وعن التجارة والضّرائب المفروضة عليها في موانئ البحر المتوسّط، وعلى الأخصّ الإسكندرية وتنّيس ودمياط، مع وصف تفصيلي للعمليات التي كان يقوم بها الوكلاء والمحاسبون الماليون في هذه الموانئ، وكذلك عن كيفية جباية الجزية من أهل الذّمّة قرب نهاية العصر الفاطمي، وساعد المخزومي على دقّة معلوماته أنّه تولّى ديوان المجلس - أحد أهم الدّواوين العليا في زمن الفاطميين (فيما يلي ٣٩٧: ١ - ٤٠٠) أكثر من مرّة، فقد كان من طبقة القضاة التي كانت الإدارة المصرية تكل إليها وظائف الإدارة العليا.
ويرى البروفيسير كلود كاهن Claude Cahen (١٩٠٩ - ١٩٩١) - الذي توفّر على دراسة هذا الكتاب - أنّ للكتاب تأليفين، الأوّل أنهاه قرب نهاية الدولة الفاطمية سنة ٥٦٥ هـ/ ١١٦٩ م، ثم أخذ يضيف إليه حتى عام ٥٨١ هـ/ ١١٨٥ م في آخر عهد السّلطان النّاصر صلاح الدين.
(١) السبكي: طبقات الشافعية الكبرى ٢٢٧: ٧؛ Cahen، CI.، El ٢? art.Makhzu? mi? VI، p. ١٣٩. (٢) المقريزي: الخطط ٤٦٠: ٢.