للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاصطلاح، وأسقط الكسر الذي هو أحد عشر يوما بالتّقريب، فصارت السّنة على قسمين:

سنة شمسيّة، وسنة قمريّة (١).

وجميع من على وجه الأرض من الأمم، أخذوا تواريخ سنيهم من مسير الشّمس والقمر: فالآخذون بسير الشّمس خمس أمم، هم اليّونانيون والسّريانيون والقبط والرّوم والفرس. والآخذون بسير القمر خمس أمم، هم الهند والعرب واليهود والنّصارى والمسلمون (٢).

فأهل قسطنطينيّة والإسكندرية وسائر الرّوم والسّرنانيون والكلدانيون وأهل مصر ومن يعمل برأي المعتضد، أخذوا بالسّنة الشّمسيّة التي هي ثلاث مائة وخمسة وستون يوما وربع يوم بالتقريب، وصيّروا السّنة ثلاث مائة وخمسة وستين يوما، وألحقوا الأرباع بها في كلّ أربع سنين يوما حتى انجبرت السّنة، وسمّوا تلك السنة كبيسة لانكباس الأرباع فيها.

وأمّا قبط مصر القدماء فإنّهم كانوا يتركون الأرباع حتى يجتمع منها أيّام سنة تامّة، وذلك في كلّ ألف وأربع مائة وستين سنة، ثم يكبسونها سنة واحدة، ويتّفقون حينئذ في أوّل تلك السّنة مع أهل الإسكندرية وقسطنطينيّة (٣).

وأمّا الفرس فإنّهم جعلوا السّنة ثلاث مائة وخمسة وستين يوما من غير كبس، حتى اجتمع لهم من ربع اليوم - في مائة وعشرين سنة - أيّام شهر تام، ومن خمس السّاعة - الذي يتبع ربع اليوم عندهم - يوم واحد، فألحقوا الشّهر التّام بها في كلّ مائة وستّ عشرة سنة. واقتفى أثرهم في هذا أهل خوارزم القدماء والصّغد ومن دان بدين فارس (٤).

وكانت الملوك البيشذاذيّة منهم - وهم الذين ملكوا الدّنيا بحذافيرها - يعملون السّنة ثلاث مائة وخمسة وستين يوما، كلّ شهر منها ثلاثون يوما سواء، وكانوا يكبسون السّنة كلّ ست سنين بيوم ويسمّونها كبيسة، وكلّ مائة وعشرين سنة بشهرين: أحدهما بسبب الخمسة الأيام، والثاني بسبب ربع اليوم. وكانوا يعظّمون تلك السّنة ويسمّونها المباركة (٥).


(١) البيروني: الآثار الباقية ١٠.
(٢) هذه الفقرة من كلام المقريزي.
(٣) البيروني: الآثار الباقية ١٠ نقلا عن زيج ثاون الإسكندراني.
(٤) نفسه ١٠ - ١١.
(٥) نفسه ١١.