وقيل: كان بين آدم وبين الطّوفان ثلاثة آلاف وسبع مائة وخمس وثلاثون سنة، وقيل كانت بينهما مدّة ألفين ومائتين وستّ وخمسين سنة، وقيل ألفان وثمانون سنة.
وأمّا تأريخ الطّوفان فإنّه يتلو تأريخ الخليقة، وفيه من الاختلاف ما لا يطمع في حقيقته، من أجل الاختلاف فيما بين [تأريخ] (a) آدم وبينه، وفيما بينه وبين تأريخ الإسكندر. فإنّ اليهود عندهم أنّ بين الطّوفان وبين الإسكندر ألفا وسبع مائة واثنتين وتسعين سنة؛ وعند النّصارى بينهما ألفا سنة وتسع مائة وثمان وثلاثون سنة؛ والفرس وسائر المجوس، والكسدانيّون (b) أهل بابل، والهند وأهل الصّين وأصناف الأمم المشرقية، ينكرون الطّوفان. وأقرّ بعض الفرس، لكنهم قالوا:
لم يكن الطّوفان بسوى الشّام والمغرب، ولم يعمّ العمران كلّه، ولا غرّق إلاّ بعض النّاس، ولم يتجاوز عقبة حلوان، ولا بلغ إلى ممالك المشرق. قالوا: ووقع في زمان طهمورث (c)، وأنّ أهل المغرب لمّا أنذر حكماؤهم بالطّوفان، واتّخذوا المباني العظيمة، كالهرمين بمصر ونحوهما، ليدخلوا فيها عند حدوثه.
ولمّا بلّغ طهمورث الإنذار بالطّوفان، قبل كونه بمائة وإحدى وثلاثين سنة، أمر باختيار مواضع في مملكته صحيحة الهواء والتّربة، فوجد ذلك بأصبهان، فأمر بتجليد العلوم ودفنها فيها في أسلم المواضع. ويشهد لهذا ما وجد بعد الثلاث مائة من سني الهجرة، في حيّ من مدينة أصبهان، من التّلال التي انشقّت عن بيوت مملوءة أعدالا عدّة كثيرة، قد ملئت من لحاء الشّجر التي تلبّس بها القسيّ وتسمّى التّوز، مكتوبة بكتابة لم يدر أحد ما هي (١).
وأمّا المنجّمون فإنّهم صحّحوا هذه السنين من القران الأوّل من قرانات العلويين زحل والمشتري، التي أثبت علماء أهل بابل والكلدانيين مثلها إذ كان الطّوفان ظهوره من جهة (d) ناحيتهم، فإنّ السّفينة استقرّت على الجوديّ، وهو غير بعيد من تلك النّواحي. قالوا: وكان هذا القران قبل الطّوفان بمائتين وتسع (a) وعشرين سنة ومائة وثمانية أيام، واعتنوا بأمرها وصحّحوا ما بعدها، فوجدوا ما بين الطّوفان وبين أوّل ملك بخت نصّر الأوّل ألفي سنة وستّ مائة وأربع سنين، وبين بخت نصّر هذا وبين الإسكندر أربع مائة وست وثلاثون سنة؛ وعلى ذلك بنى
(a) إضافة من البيروني. (b) بولاق: الكدانيون. (c) بولاق: طمهورث. (d) ساقطة من بولاق. (١) نقلا عن البيروني: الآثار الباقية ٢٣ - ٢٤.