للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندهم، حتى تخالف ذلك الوقت الذي سبقت البشارة من الأنبياء الذين كانوا بعد موسى بن عمران بولادة المسيح عيسى (١).

وإذا جمع ما في التّوراة التي بيد اليهود، من المدّة التي بين آدم وبين الطّوفان، كانت ألفا وستّ مائة وستّا وخمسين سنة. وعند النّصارى في إنجيلهم ألفان ومائتا سنة واثنتان وأربعون سنة.

وتزعم اليهود أنّ توراتهم بعيدة عن التّخاليط، وتزعم النّصارى أنّ توراة السبعين - التي هي بأيديهم - لم يقع فيها تحريف ولا تبديل، وتقول اليهود فيها خلاف ذلك، وتقول السّامريّة بأنّ توراتهم هي الحقّ وما عداها باطل، وليس في اختلافهم ما يزيل الشّكّ بل يقوّي الجالبة له (٢).

وهذا الاختلاف بعينه بين النّصارى أيضا في الإنجيل، وذلك أنّ له عند النّصارى أربع نسخ مجموعة في مصحف واحد: أحدها إنجيل متّى، والثاني لمارقوس، والثالث للوقا، والرابع ليوحنّا، قد ألّف كلّ من هؤلاء الأربعة إنجيلا على حسب دعوته في بلاده؛ وهي مختلفة اختلافا كثيرا حتّى في صفات المسيح وأيّام دعوته، ووقت الصّلب بزعمهم، وفي نسبه أيضا، وهذا الاختلاف لا يحتمل مثله (٣).

ومع هذا فعند كلّ من أصحاب مرقيون وأصحاب ابن ديصان إنجيل يخالف بعضه بعض (a) هذه الأناجيل، ولأصحاب ماني إنجيل على حدة يخالف ما عليه النّصارى من أوّله إلى آخره، ويزعمون أنّه هو الصّحيح وما عداه باطل، ولهم أيضا إنجيل يسمّى إنجيل السّبعين ينسب إلى بلامس (b)، والنّصارى وغيرهم ينكرونه (٤).

وإذا كان الأمر من الاختلاف بين أهل الكتاب كما قد رأيت، ولم يكن للقياس والرّأي مدخل في تمييز حقّ ذلك من باطله، امتنع الوقوف على حقيقة ذلك من قبلهم، ولم يعوّل على شيء من أقوالهم فيه.


(a) زيادة من البيروني.
(b) بولاق: تلامس.
(١) البيروني: الآثار الباقية ١٥.
(٢) قارن مع البيروني: الآثار الباقية ٢٠ - ٢١.
(٣) البيروني: الآثار الباقية ٢٢؛ وانظر عن الأناجيل الأربعة ورأي العلماء المسلمين فيها Anawati، G.C.، El ٢?
art.Indji? l III، pp. ١٢٣٥ - ٣٨
(٤) نفسه ٢٣.