للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حياته ومات. ومن حينئذ تلاشى أمر إخميم إلى أن خربت.

وقد ذكر جماعة أنّ بربا إخميم كانت في هيئة غلام أمرد عريان، وأنّ قوما دخلوها مرّة، فتبعهم وأخذ يضربهم ضربا وجيعا حتى خرجوا هاربين. وحكي مثل ذلك عمّن دخل الأهرام أيضا.

وقد حكي أنّ رجلا ألصق على صورة من بربا إخميم شمعة، فكان إذا تركها في موضع التجأت العقارب إليها، وإذا وضع الشّمعة في تابوت اجتمعت العقارب حوله.

ويقال إنّه كان في بربا إخميم شيطان قائم على رجل واحدة، وله يد واحدة وقد رفعها إلى الهواء، وفي جبهته وحواليه كتابة، وله إحليل ظاهر ملتصق بالحائط. وكان يذكر أنّ من احتال حتى ينقّب على ذلك الإحليل حتى يخرجه من غير أن ينكسر، ويعلّقه على وسطه، فإنّه لا يزال منعظا إلى أن ينزعه، ويجامع ما أحبّ ولا يفتر ما دام معلّقا عليه، وأنّ بعض من ولي إخميم اقتلعه فوجد منه شيئا عجيبا من ذلك.

وكانت الأنطاع تجلب من إخميم، وبها تعمل، ويقال إنّه كان بها اثنا عشر ألف عريف على السّحرة، وكان بها شجر البنج.

ويقال إنّ الذي بنى بربا إخميم اسمه دومريا، وإنّه جعل هذه البربا مثلا للأمم الآتية بعده، وكتب فيها تواريخ الأمم والأجيال ومفاخرهم التي يفتخرون بها، وصوّر فيها الأنبياء والحكماء، وكتب فيها من يأتي من الملوك إلى آخر الدّهر.

وكان بناؤه إيّاها والنّسر برأس الحمل، والنّسر يقيم عندهم في كلّ برج ثلاثة آلاف سنة.

قلت: والنّسر في زماننا بآخر باب برج الجدي، فيكون على ذلك لهذه البربا منذ بنيت نحو الثلاثين ألف سنة.

وذكر أبو عبد اللّه محمد بن عبد الرّحيم القيسي، في كتاب «تحفة الألباب»، أنّ هذه البربا مربّعة من حجارة منحوتة، ولها أربعة أبواب، يفضي كلّ باب إلى بيت له أربعة أبواب، كلّها مظلمة، ويصعد منها إلى بيوت كالغرف على قدرها (١) (٢).


(١) ابن إياس: بدائع الزهور ٢٣: ١/ ١ عن ابن وصيف شاه.
(٢) أبو حامد الغرناطي: تحفة الألباب ٧٧.