الأدبي لا على الإسناد، ومن ثمّ فإنّه نادرا ما يشير إلى مصادره. وكتب المسعودي القسم الأكبر من «مروج الذّهب» في سنة ٣٣٢ هـ/ ٩٤٣ م (١)، وهي السّنة التي كان فيها في مصر، ثم أعاد تنقيحه مرّتين: الأولى حواليّ سنة ٣٣٦ هـ/ ٩٩٤ م، والثانية حواليّ سنة ٣٤٥ هـ/ ٩٦٥ م، وقد أشار إلى ذلك بنفسه في كتابه «التّنبيه والإشراف» يقول:
«وقد ذكرنا جميع ما قيل في ذلك على الشّرح والإيضاح في كتابنا في «أخبار الزّمان» وفيما تلاه من «الكتاب الأوسط»، ثم في الجزء السّابع من كتاب «مروج الذّهب ومعادن الجوهر» في النّسخة الأخيرة التي قرّرنا أمرها في هذا الوقت على ما يجب من الزّيادات الكثيرة وتبديل المعاني وتغيير العبارات، وهي أضعاف النّسخة الأولى التي ألّفناها في سنة ٣٣٢» (٢).
وأشار المسعودي في مواضع من كتاب «مروج الذّهب» أنّه تناول بعض ما يتعلّق بالمدن المصرية بتفصيل أكثر في مؤلّفاته الأخرى، يقول عند حديثه عن الإسكندرية:
«ولم نعرض في هذا الكتاب لذكر العلّة الموجبة لامتناع المطر بمصر ولا لكثير من أخبار الإسكندرية وكيفية بنائها والأمم التي تداولتها والملوك التي سكنتها من العرب وغيرها، لأنّنا قد أتينا على ذلك في «الكتاب الأوسط»(٣).
وأضاف بعد ذلك عند حديثه على دخول عمرو بن العاص إلى مصر والإسكندرية قبل الإسلام:«قد أتينا على جميع ذلك في كتابنا في «أخبار الزّمان» وفي «الكتاب الأوسط»(٤).
يتّضح من ذلك أنّ المقريزي لم يعرف من مؤلّفات المسعودي التاريخية سوى الإصدار الأوّل من «مروج الذّهب» الذي كتبه سنة ٣٣٢ هـ/ ٩٤٣ م، واعتمد عليه ونقل منه مطوّلا ما ذكره عن التاريخ القديم وأخبار النّيل والعجائب الموجودة بمصر ووصفه لعيد الغطاس الذي شهده المسعودي بنفسه في زمن محمد بن طغج الإخشيد.
أمّا كتاب «التّنبيه والإشراف»(٥). فهو في الأساس كتاب جغرافي، ولكنّه يخلط في مواضع
(١) المسعودي: مروج الذهب ١٠: ١، واعتمدت في إحالاتي على نشرة بربيه دي مينار وبافيه دي كرتاي التي عني بتنقيحها وتصحيحها شارل بلا، وصدرت في خمسة أجزاء مع جزأين للكشافات ضمن منشورات قسم التاريخ بالجامعة اللبنانية، بيروت ١٩٦٦ - ١٩٧٩. (٢) المسعودي: التنبيه والإشراف ٩٧. (٣) المسعودي: مروج الذهب ٧٣: ٢. (٤) نفسه ٩٤: ٢ - ٩٥. (٥) اعتمدت في إحالاتي على نشرة دي خويه De Goeije التي صدرت في ليدن سنة ١٨٩٤.