وثمان مائة فكملت في رجب سنة ستّ وعشرين». وعند حديثه عن قيساريّة عبد الباسط التي استولى عليها الأمير جمال الدين الأستادّار فيما اغتصب من الأوقاف (٩١: ٢) ذكر أنّ النّاصر فرج جدّد جانبا منها بعد وفاة جمال الدين ثم أضاف قائلا: «ثم أخذ السّلطان الملك الأشرف برسباي بقيّة الحوانيت من وقف جمال الدين وجدّد عمارتها في سنة سبع وعشرين وثمان مائة».
وكان المقريزيّ يذكر بإيجاز مخلّ أحيانا التّطّورات التي كانت تطرأ على طبوغرافية القاهرة في الرّبع الثاني للقرن التاسع الهجري في تضاعيف كتابه، فعندما ذكر «الجامع الباسطي» بخطّ الكافوري الذي بني سنة ٨٢٣ هـ، ختم ما كتبه عنه بذكر ما تجدّد من جوامع في أخطاط القاهرة بعد هذا التاريخ، وآخرها الجامع الذي أنشأه الفقير المعتقد محمد الغمري في آخر سويقة أمير الجيوش بالقاهرة «وأقيمت به الجمعة في يوم الجمعة رابع ذي الحجّة سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة قبل أن يكمل»(٢٣١: ٢). وعند ذكره لجامع قيدان الواقع خارج القاهرة على جانب الخليج الشرقي خارج باب الفتوح، ذكر أنّه جدّده مقدّم بعض المماليك السّلطانية في حدود الثلاثين والثمان مائة ثم وسّع فيه الشيخ أحمد بن محمد الأنصاري العقّاد الشهير بالازراري ومات في ثاني عشر ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة (٣١٣: ٢). وعندما ذكر دير المغطّس (٥٠٨: ٢) قال: «وقد هدم هذا الدّير في شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وثمان مائة بقيام بعض المعتقدين». ومثال آخر على هذه الإضافات ما ذكره عن قبر الإمام اللّيث بن سعد من أنّه جدّد في سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة على يد امرأة قدمت من دمشق كان لها معروف وبرّ، توفّيت في تاسع عشر ذي القعدة سنة أربعين وثمان مائة (٤٦٣: ٢).
وكلّ هذه التّواريخ واضح أنّها إضافات أضافها المقريزي أثناء معاودته النّظر في كتابه. فحقيقة الأمر أنّ المقريزي لا يقدّم لنا أيّة مادّة عن كثير من العمائر التي بنيت في القاهرة ومصر في الرّبع الثاني من القرن التاسع الهجري. وآخر مباني السّلاطين التي أشار إليها المقريزي: جامع المؤيّد شيخ (٣٢٨: ٢ - ٣٣٠) ثم أربعة أسطر عن الجامع الأشرفي الذي بناه السّلطان الأشرف برسباي وأقيمت به الجمعة في سابع جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمان مائة (٣٣٠: ٢ - ٣٣١)، وهو السّلطان الذي أنهى به المقريزي قائمة سلاطين المماليك الشّراكسة الذين ذكر أنّه جلس على تخت الملك في يوم الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمان مائة (٢٤٤: ٢)، ولم يذكر تاريخ وفاته حيث توفى سنة ٨٤١ هـ وخلفه: العزيز يوسف والظّاهر جقمق، وهو السّلطان الذي توفي المقريزي أثناء فترة سلطنته التي امتدّت إلى سنة ٨٥٧ هـ/ ١٤٥٣ م.