الإضافة إليه والتّعديل فيه مع التّعرّف على مصادر جديدة، فالمسوّدة مليئة بالإضافات والطّيّارات والتّعديلات، كما أنّه عدل كثيرا عن صياغة المسوّدة عند التّبييض والإخراج النّهائي للكتاب.
وفي رأئي أنّ المقريزي وضع هيكل كتابه - كما هو واضح من مسوّدته - في الفترة التالية للأزمة التي اجتاحت مصر في نهاية العقد الأوّل من القرن التاسع الهجري، وأنّ التّواريخ التي تقابلنا في الإخراج الأخير للكتاب ليست سوى إضافات وتعديلات أضافها المقريزي عند التّبييض لتواكب الحوادث والماجريات. وأقدم هذه التّواريخ هو ما ورد في الفصل الذي ذكر فيه الطّريق بين مدينة مصر ودمشق (فيما يلي ٦١٦) حيث ختمه بقوله: «والأمر على ذلك إلى وقتنا هذا وهو سنة ثمان عشرة وثمان مائة». وعندما تحدّث عن عمود المقياس (٢٨٦: ١) قال: «وهو باق إلى يومنا هذا أعني سنة عشرين وثمان مائة». ولا شك أنّ المقريزي بيّض كتابه في عهد السّلطان المؤيد شيخ المحمودي (٨١٥ - ٨٢٥ هـ/ ١٤٠٢ - ١٤٢١ م) الذي بدأ النّظام المملوكي يعرف في عصره استقرارا نسبيّا في أعقاب الفوضى التي شهدها عهد سلفه النّاصر فرج، ووضع المقريزيّ آمالا كبارا في السّلطان الجديد حتّى أنّه تولّى تدريس المدرسة المؤيّديّة التي أنشأها السّلطان المؤيّد شيخ داخل باب زويلة بعد مقاطعة طويلة للوظائف الحكومية، يقول المقريزي وهو يتحدّث عن عساكر مصر في الدّولة التركية في زمنه (فيما يلي ٢٥٥): «وإنّ خوفي ليكثر أن يكون الحال بعد الملك المؤيّد أبي النّصر شيخ - خلّد اللّه ملكه - يتلاشى … » ولأنّ المقريزي كان دائم النّظر في كتابه والإضافة إليه فقد أضاف في فترة لا حقة بعد هذا الخبر - على هامش نسخته أو في طيّارة - (وهي مشكلة واجهت النّسّاخ الذين نقلوا عن خطّ المقريزي لأنّهم لم يعرفوا أحيانا المكان الصّحيح لهذه الطّيّارات أو الإضافات)«ثم لمّا ملك الأشرف برسباى … صارت المماليك سبع طوائف» وهذا لم يحدث بالطّبع إلاّ بعد وفاة المؤيّد شيخ.
وعند ذكره لمدينة مدين (فيما يلي ٥١٠) قال: «وكان بأرض مدين عدّة مدائن كثيرة قد باد أهلها وخربت وبقي منها إلى يومنا هذا وهو سنة خمس وعشرين وثمان مائة نحو الأربعين مدينة».
ونجد في الكتاب إشارات أخرى إلى تواريخ لاحقة على ذلك، هي في رأي إضافات أضافها المقريزيّ على هامش نسخته لتطوّرات حدثت بعد تأليف كتابه، فعند ذكر خليج الإسكندرية ذكر في آخر ما سجله عنه:«إلى أن كانت سلطنة الملك الأشرف برسباى وبديء في حفره من حادى عشر جمادى الأولى سنة ستّ وعشرين وثمان مائة إلى حادي عشر شعبان لتمام تسعين يوما»(فيما يلي ٤٦٦). وعند حديثه على دار الأمير جمال الدين أيدغدي (٧٩: ٢) يقول: «إلى أن أخذها السّلطان الملك الأشرف أبو العزّ برسباي الدّقماقي الظّاهري وابتدأ بعملها وكالة في شوّال سنة خمس وعشرين