وفي سنة اثنتين وسبعين، صرف بعث البحر إلى مكّة لقتال عبد اللّه بن الزّبير، وجعل عليهم مالك بن شرحبيل الخولاني، وهم ثلاثة آلاف رجل فيهم عبد الرّحمن بن يحنّس مولى ابن أبزى، وهو الذي قتل ابن الزّبير (١).
وخرج إلى الإسكندرية في سنة أربع وسبعين، ووفد على أخيه عبد الملك في سنة خمس وسبعين، وهدم جامع الفسطاط كلّه، وزاد فيه من جوانبه كلّها في سنة سبع وسبعين، وأمر بضرب الدّنانير المنقوشة.
وقال ابن عفير: كان لعبد العزيز ألف جفنة كلّ يوم تنصب حول داره. وكانت له مائة جفنة يطاف بها على القبائل تحمل على العجل (٢).
وكتب عبد الملك إليه أن ينزل له عن ولاية العهد ليعهد إلى الوليد وسليمان، فأبى ذلك وكتب إليه:«إن يكن لك ولد فلنا أولاد، ويقضي اللّه ما يشاء». فغضب عبد الملك، فبعث إليه عبد العزيز بعليّ بن رباح يترضّاه. فلمّا قدم على عبد الملك، استعطفه على أخيه، فشكا عبد الملك وقال:«فرّق اللّه بيني وبينه». فلم يزل به عليّ حتى رضي، فقدم على عبد العزيز فأخبره عن عبد الملك وعن حاله، ثم أخبره بدعوته فقال له: أفعل؟ أنا واللّه مفارقه، واللّه ما دعا دعوة قطّ إلاّ أجيبت.
وكان عبد العزيز يقول: قدمت مصر في إمرة مسلمة بن مخلد، فتمنّيت بها ثلاث أماني فأدركتها: تمنّيت ولاية مصر، وأن أجمع بين امرأتي مسلمة، ويحجبني قيس بن كليب حاجبه. فتوفّى مسلمة، وقدم مصر فوليها، وحجبه قيس، وتزوّج امرأتي مسلمة.
وتوفّي ابنه الأصبغ بن عبد العزيز لتسع بقين من ربيع الآخر سنة ستّ وثمانين. فمرض عبد العزيز، وتوفّي ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ستّ وثمانين. فحمل في النّيل من حلوان إلى الفسطاط فدفن بها (٣).
وقال ابن أبي مليكة: رأيت عبد العزيز بن مروان حين حضره الموت يقول: «ألا ليتني لم أك شيئا مذكورا، ألا ليتني كنابتة من الأرض أو كراعي إبل في طرف الحجاز».
(١) الكندي: ولاة مصر ٧٢. (٢) نفسه ٧٣. (٣) نفسه ٧٥ - ٧٦.