للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على صاحب الخيل في عدّة من النّوبة، وحملهم إلى السّلطان الملك الظّاهر بيبرس البندقداري بقلعة الجبل فوسّطهم.

وقدم شكندة (a) ابن أخت (b) متملّك النّوبة متظلّما من خاله داود، فجرّد السّلطان معه الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني الأستادّار، والأمير عزّ الدين أيبك الأفرم، وأمير جاندار، في جماعة كثيرة من العسكر ومن أجناد الولايات وعربان الوجه القبلي والزّرّاقين والرّماة ورجال الحراريق.

فساروا في أوّل شعبان من القاهرة حتى وصلوا إلى أرض النّوبة، فخرجوا إلى لقائهم على النّجب، بأيديهم الحراب وعليهم دكادك سود، فاقتتل الفريقان قتالا كبيرا، انهزم فيه النّوبة، وأغار الأفرم على قلعة الدّرّ، وقتل وسبى. وأوغل الفارقاني في أرض النّوبة برّا وبحرا يقتل ويأسر، فحاز من المواشي ما لا يعدّ، ونزل بجزيرة ميكائيل برأس الجنادل، ونفر المراكب من الجنادل. ففرّ النوبة إلى الجزائر، وكتب لقمر الدّولة نائب داود متملّك النّوبة أمانا، فحلف لشكندة (a) على الطّاعة، وأحضر رجال المريس ومن فرّ.

وخاض الأفرم إلى برج فى الماء وحصره حتى أخذه، وقتل به مائتين، وأسر أخا لداود، فهرب داود والعسكر في أثره مدّة ثلاثة أيام، وهم يقتلون ويأسرون، حتى أذعن القوم.

وأسرت أمّ داود وأخته، ولم يقدر على داود فتقرّر شكندة (c) عوضه، وقرّر على نفسه القطيعة في كلّ سنة ثلاث فيلة وثلاث زرافات وخمس فهود من إناثها، ومائة نجيب أصهب وأربعمائة رأس من البقر المنتجة، على أن تكون بلاد النّوبة نصفين: نصفها للسّلطان، ونصفها لعمارة البلاد وحفظها، ما خلا بلاد الجنادل، فإنّها كلّها للسّلطان لقربها من أسوان، وهي نحو الرّبع من بلاد النّوبة. وأن يحمل ما بها من التّمر والقطن والحقوق الجارية بها العادة من قديم الزّمان.

وأن يقوموا بالجزية ما بقوا على النّصرانية، فيدفع كلّ بالغ منهم في السنة دينارا عينا (١).


(a) بولاق: سكندة.
(b) في كنز الدرر وتاريخ ابن شداد: ابن عم.
(c) بولاق: سكنده.
(١) انظر خبر هذه الموقعة عند ابن عبد الظاهر: الروض الزاهر ٤١٦؛ ابن شداد: تاريخ الملك الظاهر ١٢٩ - ١٣١؛ ابن أبيك: كنز الدرر ١٨٣: ٨ - ١٨٦؛ النويري: نهاية الأرب ٣٤٤: ٣٠ - ٣٤٨؛ ابن أبي الفضائل: النهج السديد ٢١١، ٢٣٤ - ٢٣٦؛ المقريزي: السلوك ٦٢١: ١ - ٦٢٣.